هناك المئات من العلاجات المستخدمة في الصّلع لكن في واقع الأمر لا تتجاوز الطّرق الدوائيّة المعتمدة علميّاً ثلاثة طرق سنستعرضها في هذا المقال مع إعطاء تفاصيل أكثر حول زراعة الشعر.
الطريقة الأولى: العلاج الموضعي بعقار المينوكسيديل. وهو عبارة عن سائل يوضع على المنطقة المصابة على شكل بخاخ أو نقاط ويساعد في نمو الشعر. ويتم استخدامه يومياً لمدة ستة أشهر على الأقل. ويعطي نتائج جيدة خصوصاً في الحالات المبتدئة وهو بالدرجة الأولى يمنع المزيد من التساقط ويشجع نمو الشعر الموجود. لكن مشكلته الأساسية هي أن نتائجه وقتية فنجد أنّه عندما يتوقف المريض عن استخدام العلاج بعد ثلاثة أشهر يبدأ الشعر بالتّساقط ويعود الوضع كما كان بعد التوقّف بستة أشهر تقريباً. ومن الأعراض الجانبية لهذا العلاج هو حصول تهيج وحكّة خصوصاً مع استخدام التركيز العالي من هذا الدواء.
الطريقة الثانية: وهي استخدام عقار فينسترايد وهو نفس العقار المستخدم في علاج تضخم البروستات لدى الرجال لكن نستخدم هنا خُمس الجرعة فقط. ويمنع إعطاء هذا الدّواء للنساء المعرضات لحصول الحمل لأنّه يسبب آثار جانبيّة على الجنين. ويتم تعاطي هذا الدّواء بالفم على شكل حبوب بشكل يومي لمدّة ستّة أشهر على الأقل. و هو يساعد في نمو الشعر و يوقف التّساقط. ومن أعراضه الجانبيّة وهي نادرة الحدوث تأثيره على العلاقة الزوجيّة لدى الرّجال. وكما سبق في الطريقة الأولى فإن هذا الدّواء فعّال لكنّه ذو مفعول وقتي يزول بعد التوقّف عن استخدام الدواء بعدّة شهور.
الطريقة الثالثة: وهي زراعة الشّعر ويقصد بذلك نقل بصيلات الشّعر من المنطقة الخلفيّة للرأس إلى منطقة الصّلع في المقدمة وتعد هذه الطريقة الوحيدة التي تعطي نتائج دائمة فبعد نجاح العمليّة ونمو الشعر في المنطقة الصّلعاء ينمو الشعر بعد ثلاثة إلى ستة أشهر بشكل طبيعي ويستمر نموه ويمكن قصّه وحلاقته بدون أن يتأثر. وقد كشفت الأبحاث العلمية أن الشعر الذي في مؤخرة الرأس غير معرض للصلع وعند نقله لمقدمة الرّأس فإنّه يحتفظ بنفس الخاصيّة ولا يتساقط .
وهذه الطريقة مستخدمة لعدّة عقود لكنّها مرّت بمراحل تطور ونقلات نوعيّة. فقد بدأت في السبعينات الميلادية بطريق الخزعات الدائريّة الكبيرة حيث يتم نقل قطع دائريّة من مؤخّرة الرّأس بحجم 3 أو 4 مليميتر من المنطقة الخلفيّة ويتم عمل فتحات ذات حجم مناسب لها في مقدّمة الرّأس لتثبيت هذه الخزعات والمحتوية على العديد من بصيلات الشعر. ورغم أنّ هذه الطريقة سهلة وسريعة لكن نتائجها كانت غير مرضية و ذلك لظهور ندبات دائريّة (خالية من الشعر) في المنطقة المانحة وهي مؤخّرة الرأس وكذلك ظهور الشّعر في المنطقة المزروعة (المستقبلة) بشكل تكتّلات تشبه شعر الدمية.
ثم تطوّر الأمر في التسعينات وبدأ يصغر حجم الخزعات حتى ظهرت طريقة زراعة وحدات الشعر FUT ويتم في هذه الطريقة نقل وحدات الشعر بتوزيعها الطبيعي حيث تحتوي الوحدة على شعرة واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو نادراً أربع او خمس شعرات فيتم نقلها من مؤخرة الرأس إلى المنطقة المستقبلة وهذه الطريقة هي الطريقة الأكثر نجاحاً والتي يمارسها معظم المتخصصون برزاعة الشّعر حول العالم وتعطي نتائج طبيعية المظهر حيث نتفادى مظهر تكتلات الشعر الشبيه بشعر الدمية في هذه الطريقة. وتفاصيل هذه الطريقة هي كالآتي:
بعد تقييم حالة المريض والتأكّد من مناسبة حالته للزراعة وخلوّه من موانع الجراحة مثل زيادة سيولة الدّم أو ضعف التئام الجروح أو الأمراض الشديدة التي تصيب الكبد أو الكلى أو القلب يتم شرح تفاصيل العمليّة للمريض وأخذ موافقته على العملية. وتجرى العملية تحت التخدير الموضعي ولا تتطلب التنويم بالمستشفى لكنها تستغرق من 8-10 ساعات وذلك حسب احتياج الحالة والمنطقة المراد زرعها. في البداية يتم عمل بنج (تخدير) موضعي لمنطقة مؤخّرة الرّأس (المنطقة المانحة) ويتم بعدها أخذ شريحة من الجلد لا يتجاوز عرضها غالباً سنتيميتراً واحداً ويتفاوت طولها حسب الحالة ويتم بعد ذلك قفل هذه المنطقة بخيوط خاصة تزال بعد أسبوع من العملية.
بعد ذلك تنقل هذه الشريحه (القطاع) الجلدي إلى سائل مبرد ويتم تقطيعها إلى قطع رقيقة ومن ثم يتم فصل كل وحدة شعر لوحدها وهذه قد تحتوي شعرة واحدة أو اثنتين أو ثلاث ونادراً أربع أو خمس شعرات. وفي هذه الأثناء يقوم الطبيب المختص بتخدير المنطقة المستقبلة (المقدمة) بنفس الطريقة المذكورة في المنطقة المانحة وبعدها يتم عمل فتحات لإدخال الشعرات داخلها ويتم عمل هذه الفتحات باتجاهات ومسافات معينة تحكمها اعتبارات فنية دقيقة. وتستمر عملية الزرع هذه (إي إدخال البصيلات في الفتحات المخصصة) عدة ساعات.
وبذلك تكون انتهت عمليّة الزراعة وبعدها يتم وضع ضماد مع دهان مضاد للجراثيم على كل المنطقتين (المانحة و المستقبلة) يحضر بعدها المريض في المساء التالي للعيادة لعمل غسيل بالشامبو بطريقة خاصة حتى لا يتساقط الشعر حديث الزراعة ويتم التنبيه على المريض بأخذ قسط كافي من الراحة وعدم بذل مجهود كبير خصوصاً في الأسبوع الأول بعد الزراعة وذلك حتى لاتخرج الشعرات المزروعة من أماكنها. ومن الجدير بالذكر أن عملية زراعة الشعر بهذه الطريقة هي الأسلوب الشائع على مستوى العالم لكنها تستهلك الكثير من الجهد و الوقت والمال. وعادة يتكون طريق الزراعة من الطبيب إضافة إلى أربعة إلى خمسة فنيين مدربين وذلك لفصل الشعرات عن بعضها تحت عدسات مكبرة وكذلك لعملية إدخال الشعرات في الفتحات المخصصة لها في المنطقة المستقبلة والتي تحتاج إلى كثير من الصبر و المهارة والتركيز في آن واحد.
وتعد زراعة الشعر من أكثر العمليّات التجميلية نجاحاً علماً بأن لها مضاعفات بسيطة ونادرة الحدوث ويمكن معالجتها بسهولة. ومن أهم المضاعفات حصول بعض الألم بعد العمليّة ويمكن التغلب عليه بالأدوية المهدئة خصوصاً في اليوم الأول و في حالات نادرة قد يحدث التهاب في مكان العملية ولكن يمكن منع ذلك أو تخفيفه بالمضادات الحيوية المناسبة.
وهناك طريقة جديدة ظهرت قبل بضع سنوات فقط وتسمّى طريقة حصد او خلع وحدات الشعر FUE وهي طريقة تستغرق وقتاً طويلاً جداً يقوم فيها الطبيب بأخذ كل وحدة على حدة من المنطقة المانحة بواسطة مشرط دائري صغير جداً(1 مليميتر تقريباً) ثم تنقل إلى المنطقة المستقبلة. وتتميز هذه الطريقة بعدم وجود خياطة جراحيّة في المنطقة المانحة كما هو الحال في الطريقة العادية كذلك يمكن الحصول على الشعر من أماكن أخرى غير مؤخرة الرأس مثل الشعر الزائد بالصدر مثلاً. ولكن عيبها الأكبر هو زيادة الكلفة المادية وزيادة الوقت المستغرق في العملية مع الحصول على عدد محدود فقط من الشعرات المتوفرة للزراعة وذلك لاتستغرق عملية النزع لوقت طويل. ولجميع الأسباب المذكورة لم تلاقي هذه الطريقة الرواج الذي حصل للطريقة السابقه (طريقة زراعة وحدات الشعر FUT). وفي الختام يبقى الاختيار بين هذه الطرق لتحفيز أو تعويض الشعر قراراً مشتركاً بين المريض والطبيب بعد اعطاء شرح واف عن حيثيات الحالة والطرق العلاجية المتاحة.
د. رشا رشيد
المقالات المتعلقة بالصلع و زراعة الشعر