الأنفال ماذا تعني

الأنفال ماذا تعني

سورة الأنفال

وردت كثيراً على مسامعنا كلمة الأنفال، وكما نعرف نحن المسلمين وبعض غير المُسلمين أنّها سورة من القرآن الكريم، لكن قليلون الذين يعرفون ماذا تعني الأنفال؟!، وعن ماذا تتحدث؟!، أوعن ماذا تنص!؟، سنتحدث في موضوعنا هذا عن كلّ هذه الأشياء لكي تتّضح لدينا المفاهيم ونُصبح أكثر وعياً، ومعرفة بأكثر الأشياء التي تُفيدنا في حياتنا ويجب أن نعرفها عن إسلامنا، سنتحدّث عن مفهوم الأنفال لكن قبل أن نخوض في تعريف الأنفال، سنتحدث قليلاً في محورها؛ قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: "يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ * قُلِ الأَنْفَالُ للهِ والرَّسُولِ فاتقوا الله ..." الآية الأولى من سُورة الأنفال تتحدّث عن مفهوم جديد في ذلك الوقت على المسلمين، وكما هُو واضح في الآية صيغة السؤال؛ أي يسألون الرسول الأنفال، ليس المقصود أنّهم يسألون عن معناها ولكن يسألونها أي يطلبونها، يطلبون نصيبهم منها.

ما هي الأنفال؟

الأنفال لُغَةً هي جَمعُ نَفَل بفتح النون والفاء، وهي غنائم الحرب، جَمع غَنيمَة؛ وهي التي يستولي عليها الجيش المنتصر في الحرب بعد انسحاب الجيش المهزوم وفراره من مكان المعركة، فيترك المعدات ويترك كل ما كان بحوزته خلفه ويلوذ بالفرار بروحه. والأنفال اسم سورة في القرآن الكريم ترتيبها الثامنة بحسب ترتيب المُصحف، وهي مدنيّة وعدد آياتها خمسٌ وسبعون آية؛ إلا من الآية الـ30 آخر سبع آيات أي حتى الآية 36 فإنها نزلت في مكة والأصح أنها نزلت في المدينة لكن كانت الواقعة بمكة.

نزلت هذه السورة العظيمة في موقعة بدر، كما قال ابن عباس، وكانت هذه الغنائم (الأنفال) لرسول الله صلى الله عليه وسالم خالصةً لا يشاركه فيها أحد، وتشمل الفرس، والعتاد (السلاح) والسلب، والطعام والمال وكل ما يتركونه خلفهم حتى الأسرى. وقيل في سبب نزولها بأنّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر اختلفوا في الأنفال وفي توزيعها وساءت فيه أخلاقهم، فانتزعها الله من أيديهم وجعل الأنفال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء أي عن سواء، هذه القصة كما رواها الإمام أحمد. وتمّ تخصيص الخُمس لأهله أي على ما نزل به الكتاب وجرت به السنة.

وقال الشافعي عن الأنفال: أن لا يخرج من رأس الغنيمة قبل الخُمُس شيء غير السلب، والسلب هو ما يُؤخذ ويُسلب قهراً، واختلف العلماء في محِلّ الأنفال على أربعة أوجه، الأول: مَحِلّها فيما شُدّ عن الكافرين إلى المسلمين أو أُخِذ بغير حرب. أما الثاني محِلّها الخُمُس. والثالث خُمُس الخُمُس. أما الرابع: رأس الغنيمة كما قال الشافعي؛ أي حسب ما يراه الإمام.

سبب نزول آية "يسألونك عن الأنفال"

كما قال ووضّح أهل التفسير أن السبب في نزول هذه الآية هو أن النبي صلَّى الله عليه وسلم، قال يوم واقعة بدر " من أتى مكان كذا فله من النفل كذا ومن قتل قتيلا فله كذا ومن أسر أسيرا فله كذا "، أي إنّ له من الغنائم مقدور مُعين، ومن هنا نستوضح أن النفل يعني الغَنِمَة، "فلما التقوا تسارع إليه الشبان وأقام الشيوخ ووجوه الناس عند الرايات ، فلما فتح الله على المسلمين جاؤوا يطلبون ما جعل لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الشيوخ : كنا رداءً لكم ولو انهزمتم لانحزتم إلينا، فلا تذهبوا بالغنائم دوننا، وقام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري أخو بني سلمة فقال : يا رسول الله إنك وعدت أن من قتل قتيلا فله كذا، ومن أسر أسيرا فله كذا، وإنا قد قتلنا منهم سبعين وأسرنا منهم سبعين، فقام سعد بن معاذ - رضي الله عنه - فقال: والله يا رسول الله ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء زهادة في الأجر ولا جبنا عن العدو، ولكن كرهنا أن نعري مصافك فيعطف عليه خيل من المشركين فيصيبوك، فأعرض [ ص: 324 ] عنهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال سعيد : يا رسول الله إن الناس كثير والغنيمة دون ذلك، فإن تعط هؤلاء الذين ذكرت لا يبقى لأصحابك شيء، فنزلت: " يسألونك عن الأنفال " وهذا والله تعالى أعلى و أعلم.

عنيت سورة الأنفال بشكل كبير جانب التشريع؛ حيث إنّها تحدّثت عن الغزوات والجهاد في سبيل الله، ومن ثم في سبيل الوطن، فجاءت سورة الأنفال لتعالج بعض النواحي الحربية التي بدأت بالظهور بعد الغزوات، وتتضمن الكثير من التشريعات الحربية والإرشادات الربانية التي يتوجب على المؤمنين العمل بها، واتباعها عند مواجهتهم للعدو والقتال، وقد تناولت سورة الأنفال أيضاً جانب السلم والحرب و أحكام الأسر وجمع الغنائم في الحروب.

تفسير " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون"

  • المقصود بالشق الأول من الآية الكريمة "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم" هو أنّ المؤمنين الذين يعدون أكثر تقرباً من الله ويذكرون الله على الدوام، تخاف قلوبهم أو تُصيبها الرهبة، فإنّ خشية الله لشيء عظيم، فهو يجعلك تكف عن ارتكاب المعاصي والبعد عن المحرمات، فذكر الله يجعلك تمنع نفسك من ارتكاب الذنوب.
  • أمّا بالنسبة للشق الثاني من الآية "وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون" هو توجيه للمؤمنين أنّهم حينما يستمعون لقول الله سبحانه وتعالى ينصتون ويلقون له السمع ويحضرون قلوبهم لتدبرهم في الآيات، فهذا يزيدهم إيماناً؛ فالتدبّر والخشوع إنّه لمن أعمال القلوب، فهو يبين لهم معنىً كانوا يجهلونه، ويُذكرهم بما نسوه، و كما جاء في آية من سورة الأعلى قوله تعالى:" فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى"، وهذا دليل آخر على أنّ تلاوة القرآن وذكر الله يجعلون الإنسان أكثر خوفاً من العذاب، فيصبحون في تراجع عن ارتكاب أي معصية، ويجعل في قلوب المُؤمنين حُباً ورغبةً لفعل الخير، واشتياقاً للقاء ربهم لهول الكرامات الموجودة في القرآن الكريم، لوصف كرم الله ونصيب أهل الجنة من الكرامات، فجميع المسلمين أو المُؤمنين وخاصّةً المُجاهدين يتمنون دائماً لقاء الله لروعة منزلتهم وجمال تصويرها في القرآن الكريم، ونصّت الآية الكريمة من سورة الأنفال أيضاً على أن المؤمنين دائماً متوكّلون على الله وحده لا شريك له، ويعتمدون في قلوبهم بالتوكل على الله في جميع أعمالهم، الدينية والدنيوية.

المقالات المتعلقة بالأنفال ماذا تعني