أين ولد العالم ابن خلدون

هو مؤرخ من شماليّ قارة أفريقيا، عاش وتنقّل بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في معظم مدن شمال أفريقيا، كما ورحل إلى عددٍ كبير من الدول كغرناطة، وتلمسان، وبجاية، ومصر، وهناك تولّى قضاء المالكيّة، وبقي فيها قرابة ربع قرن.

يُعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث، فقد توصل إلى نظرياتٍ مُهمّة في هذا العالم كالنظرية العصبيّة، كما أنّه أحد علماء التاريخ والاقتصاد المشهورين؛ حيثُ له عددٌ من المصنّفات والمؤلفات التي تعتبر ذخراً للأدب والتراث العربيّ ومن أشهرها كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيّام العرب، والعجم، والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر".

ولد ابن خلدون في تونس عام ألف وثلاثمئة واثني وثلاثين للهجرة في دار تقع في منطقة "نهج تربة الباي عدد 34"، ومن أسرة مرموقة ذات علم وأدب؛ حيثُ حفظ القرآن الكريم منذ الطفولة على يد أبيه فقد كان ملعمه الأول، كما وشغل أجداده مناصب دينيّة وسياسيّة في الأندلس، فقد كانوا أصحاب نفوذ وجاهٍ كبير في ذلك الوقت.

نزح أهل ابن خلدون من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجريّ، متوجهين إلى تونس، وكان ذلك خلال حكم دولة الحفصيين، وينحدر أصل ابن خلدون إلى حضرموت، وقد ذكر ذلك في كتابه العبر عندما قال" إنّه من سلالة الصحابيّ وائل بن حجر وأنّ أجداده من حضرموت".

درس ابن خلدون على يد أفضل العلماء والمدرّسين في المغرب الكبير، فقد تلقى وفهم التربية الإسلاميّة الكلاسيكيّة، وحفظ القرآن الكريم، وأساس فهمه، واللسانيات العربية، والقانون، والفقه في التاريخ؛ حيثُ تجمّعت في شخصيته العناصر الأساسيّة العمليّة والنظريّة، والتي جعلت منه مؤرّخاً حقيقيّاً بالرغم من عدم اهتمامه بمادة التاريخ في بداية حياته.

قد استطاع ابن خلدون ولأول مرة أن يُوضح بعض الوقائع التاريخيّة ضمن منطقة جغرافيّة امتدت من الأندلس وحتى بلاد الشام والتي لا تحدث بمحض الصدفة أو بفعل قوى خارجيّة مجهولة، بل نتيجة عوامل داخليّة كامنة في المجتمعات الإنسانيّة؛ لذلك انطلق في دراساته للأحداث التاريخيّة من الحركة الجوهريّة الباطنيّة للتاريخ.

توفي ابن خلدون في مصر عام ألفٍ وأربعمئة وستة، وقد دُفن في مقابر الصوفيّة عند باب النصر شمالي القاهرة، ولم يُعرف مكان قبره بالتحديد، ويُذكر أنّه قال قصيدة في الحنين إلى بلده تونس وفيها يقول:

أحنُّ إلى ألفي وقد حال دونهم