ومن بين الأمور المنكرة التّي شاعت في قوم مدين حتّى اتّصفوا بها أنّهم كانوا يطفّفون المكيال والميزان؛ حيث اشتهر عنهم أنّهم رعاة غنم وتجّار كانوا يبتاعون البضائع ويبيعونها لمن حولهم من أهل القرى والمدن، فجاءهم شعيب عليه السّلام ووقف بينهم ينصحهم بترك هذه العادة الشّنيعة والاستغفار من الله تعالى، كما دعاهم إلى الإيمان بالله تعالى وحده وترك ما كان يعبد آباؤهم من قبلهم، ولقد تلقّى قوم مدين دعوة نبيّهم بمزيدٍ من الاستكبار والعلوّ ورفض الإذعان إلى الحقّ، وقد هدّدوه بالقتل، رجمًا وقد منعهم من تنفيذ ذلك رهط سيّدنا شعيب وعشيرته التّي منعته من أذاهم، وقد أحزن سيّدنا شعيبًا أن يرى قومه يخافون رهطه وجماعته أكثر من خشيتهم الله تعالى، وعندما استاء منهم تركهم وأنذرهم بطش الله سبحانه الذي يحلّ بهم قريبًا.
وقد عذّبهم الله تعالى بالصّيحة وفي آيةٍ أخرى بالرّجفة، وفي أخرى بعذاب يوم الظلّة، وبالتّوفيق بين هذه الآيات يتبيّن أنّ الله تعالى قد أرسل لهم عذابًا له سمات ثلاث ردًّا على استكبارهم عن قبول دعوة الحقّ. وتمثّل مدينة مدين واحدةً من المدن التي ظلّت آثارها شاهدةً على من سكنها من القوم الظّالمين، حتّى تكون عبرةً وآيةً إلى يوم القيامة .
وقد وردت كلمة مدين في القرآن الكريم في سورة القصص؛ حيث وردت في قصّة سيّدنا موسى عليه السّلام حين فرّ من القوم الظّالمين وتوجّه اتجاه مدين، وحصل ما حصل من رؤية الفتاتين اللتين كانتا تنتظران النّاس حتّى تسقيان، فتقدّم سيّدنا موسى عليه السّلام ليسقي لهما الماء، ثمّ أخبرتا أباهما بعد عودتهما بعد ذلك بحسن صنيعه، فطلب الأب الّذي يقال بأنّه نبي الله شعيب عليه السّلام لقاء سيّدنا موسى حتّى يزوّجه إحدى بناته ويقرّبه إليه.
المقالات المتعلقة بأين تقع مدين