قال غيلبرتهايت: الكتب ليست أكوام من الورق الميت.. إنّها عقول تعيش على الأرفف.
ولما للقراءة من أهمّيّه فقد حُثّ عليها في الأديان السماويّة، وتكمن أهميتها بإسهامها في صنع الفرد، كما أنها تدعم ثقته بنفسه، وتساعد على تنميه حصيلته اللغويّة، وأهمّيّه القراءة تتعدى الفرد لتشمل المجتمع، إذ تستخدم القراءة كوسيلة لعلاج الأمراض النفسيّة والاجتماعيّة، وهي إحدى المقاييس التي يُقاس بها تقدّم المجتمعات، إذ إنّ الأمّة التي تقرأ تتقدّم الأمم وتقود القافلة، وذلك لأنّ الثقافة والمعرفة نتاج القراءة، وللقراءة دور في ترويض النفس والفكر وتنمية قدرة الفرد على النقد وإصدار الحكم، كما أنّ القراءة تزيد من مستوى الذكاء لدى الفرد وتنمّي اتّجاهاته لخدمة المجتمع.
وبما أنّ الأمّة العربيّة والإسلامية قادت الأمم في زمن من الأزمان ثمّ تراجعت لتتّخذ صفوف المتفرجين كان لزاماً على القادة والمفكرين دراسة أسباب تقدّم الأمم والأسباب التي جعلت الأمة العربيّة قائدة للقافلة، وبعد البحث والاستنباط والدراسة والتفكر، تبين أنّ الأساس الذي جعل لاأمّه تقود الأمم في فترة من الفترات كان التزامها لأمر الله تعالى في قوله: " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (العلق:1)، وهي دعوة من الله للقراءة لما لها من أثر في الفرد والمجتمع, وإنّ تخلّي الأمّة عن القراءة هو ما أودى بها إلى حالها الآن، ولو نظرنا إلى ما كانت عليه الأمّة في أيّام عزّها ونهضتها، لوجدنا أنّها تقدمت في شتّى العلوم وأنّها صدّرت هذه العلوم فإنّ ما يدرس من أساسيّات الرياضيات ما هو إلا نتاج عقل عربيّ قرأ وبحث، وكذلك الفيزياء وشتّى العلوم، حتّى في الاجتماع بمّا قدمه ابن خلدون في مقدمته من فائدة، ولما للقراءة من أثر في ذكاء الفرد فإنّ خطط خالد بن الوليد تُدرّس في الكليّات لعسكريّة حول العالم، وهذا ما صدّره العرب من نتاج بحثٍ وقراءة، ولكن ماذا صدر العرب بعد البُعد عن الكتاب، لم يكن علما ولا بحثا ولا ما يساعد في نهضة أمّه، ليس بالكثير ليس إنّما الشيشة والرقص الشرقيّ.
فائدة القراءة الكتب لا تعود فقط على الدنيا وسيرها، ونجاح الأمّة وتقدّمها بل إن القراءة تورث الجنة وتقود إليها فإن الله ذكر في كتابه: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"(فاطر:28)، ونفهم من الآية إنّ أكثر من يخشى الله هم العلماء، إذ إنّ الخلق يقود إلى الخالق والتقرّب إليه، وكلما زدت قراءةً وعلماً زادك ذلك قرباً، وهنالك الكثير من النصوص في جميع الأديان السماويّة تحثّ وتحضّ وتبيّن أهمّيّه القراءة.
في الكتب السماويّة وفي أحاديث الأنبياء والمرسلين ذكرت القراءة وأهمّيّتها، وكذلك تغنّى الشعراء بالقراءة فمن معينها تزداد مفرداتهم فتعينهم على نظم الشعر، منهم حافظ إبراهيم ومن أشعاره:
أنا من بدل بالكتب الصحابا
لم أجد لي وافياً إلا الكـتـابا
صاحب إن عبته أو لم تعب
ليس بالواحد للصاحب عـابا
كـلـمـا أخـلقته جدّدني
وكساني من حلى الفضل ثيابا
قد كتب الكثيرون عن القراءة وأنواعها، وأقسامها، وكيفيتها لكن الأهمّ القراءة بحدّ ذاتها، فهي معين لا ينضب، يعزّز معرفتك ويوسع مداركك، في النهاية وجب القول أنّنا أمة الكتاب، فأمّة إقرأ وجب عليها أن تقرأ، وكن في قراءتك كالنحل بين الزهر تحط على كل زهرة برهة فتنهل من الرحيق، ويغدو الرحيق عسلاً.
المقالات المتعلقة بأهمية قراءة الكتب