من هو صاحب كتاب كليلة ودمنة

من هو صاحب كتاب كليلة ودمنة


كليلة ودمنة

كتاب كليلة ودمنة هو من أشهرِ الكتب القصصيّة التي تحدّثت عن حياة الحيوانات في إشارةٍ إلى سلوكيّات بعض البشر، وقد ألّفَ الكتابُ في الهند في القرن الرابع الميلاديّ، ثمّ تُرجمَ ونُقلَ إلى اللغة العربيّة على يدِ عبد الله بن المقفع الذي عاش في العصر العباسيّ، وذلك في القرن الثامن الميلاديّ.

في هذا الكتاب العديدُ من القصصِ التي تتضمّنُ عبراً ومواعظَ من خلال تجسيد الحيوانات لشخصيّات الكتاب، حيثُ أشار الكتابُ إلى العلاقة بين الحاكم والرعيّة، وعندما سمع كِسرى ملك الفُرس عن الكتاب أمرَ أحد الأطباء في بلادِه بالذهابِ إلى الهند وإحضار الكتاب لترجمته إلى اللغة الفارسيّة، ممّا أكسب الكتابَ شهرة واسعة بقيت حتّى يومِنا هذا.

من أبرز الشخصيّات في هذا الكتاب: الأسد الذي يرمز للحاكم، والثور الذي يرمز للخادم أو المرافق الدائم للحاكم، إضافة إلى اثنين من حيوان ابن آوى، وهما بطلا القصص، حيث كان أحدُهما يُسمّى "كليلة" والآخر "دِمنة"، وفي الكتاب خمسة عشرَ باباً، في كلّ بابٍ منها عددٌ من القصص.

 

الاختلاف حول صاحب كليلة ودمنة

تختلفُ الروايات التاريخيّة حولَ صاحب كتاب كليلة ودمنة، إذ تُرجم الكتاب إلى أكثر من لغة، وقد وُجد الكتاب الأصليّ مكتوباً باللغة السنسكريتيّة، وهذا ما جعل من المُرجّح أن يكونَ الكتاب قد كُتب على يدِ الفليسوف بيديا الهنديّ.

رغم أنّ العديد من الباحثين قد أجمعوا بأنّ أصل الكتاب يعودُ للهند، إلّا أنّ هناك بعضَ الجدل حولَ هذا الأمر، حيث إنّ مقدمةَ الكتاب تتحدّثُ عن قصّة الفيلسوف بيديا الذي حاول نُصح الملك دبشليم بالابتعاد عن أسلوب الطغاة في الحُكم، ممّا دفع بالملك الهنديّ بالأمر بقتله وصلبه، ثُم تراجعَ عن قراره ليكتفيَ بحبس الفيلسوف بيديا، وبعد فترة من الزمن أمر الحاكم دبشليم بإخراجه من السجن ليعودَ ويستمع إلى نصائح هذا الفيلسوف، ومن هنا أتى إجماعُ المفكّرين والباحثين بأنّ كليلة ودمنة هو كتاب هنديّ الأصل.

لكنْ، بعد أن وجد الباحثون النسخة العربيّة من الكتاب وضياع باقي النسخ التي كُتبت باللغتين السنسكريتيّة والفارسيّة، رجّح هذا الفريق أنّ أصلَ الكتاب عربيٌّ، وأنّ عبد الله بن المقفع هو صاحبُ هذا الكتاب، رغم أنّنا طالما تعلّمنا بأنّه هو مَن ترجمه وليس من ألّفه.

يعني اسم بيديا الرجلَ الحكيم، وهو فيلسوف هنديّ وقد كان رجلاً حكيماً، ألّف الكثير من القصص التي تتحدّث عن الأخلاق والحكمة، وقد جمع هذه القصص في كتابٍ واحد، ألا وهو كتاب كليلة ودمنة الذي تُرجمَ لأكثر من لغة؛ نظراً لأهميّتِه في الأدب العربيّ والعالمي، وقد سمّى كتابه "بنجاتنترا" أي الفصول الخمسة. ويُركّز الكتاب على إصرار الفيلسوف بيديا على إقناع الملك دبشليم عن التوقّف عن ظلم رعيّته، وقد نجحَ بالفعل في هذا الأمر.

 

مُترجم كليلة ودمنة إلى اللغة العربيّة

عبد الله بن المقفع هو أبو محمد عبد الله روزبه بن داذويه، وهو كاتبٌ ومفكّر فارسيُّ الأصل، وقد وُلد لأُسرة مجوسيّة، ثُم اعتنق الإسلام وعاش خلال الخلافتين الأمويّة والعباسيّة، وقد درس اللغة العربية، وقد نقل كتباً من لغاتٍ أخرى إلى العربيّة، منها كتابُ الأدب الصغير، وكتاب الأدب الكبير، وكذلك كتاب كليلة ودمنة الذي يعتقدُ بعض المفكرين بأنّه هو مَن ألّفه، ولم يقم بنقله من الهنديّة. وقد سُمّي بابن المقفع لأنّ والده قد اتُّهمَ بسرقة أموال من الدولة الإسلاميّة، فقرّر الحجاج بن يوسف الثقفيّ عقابه والتنكيل به، فضربَه حتّى تقفّعت أصابعه.

جمع ابن المقفع ما بين الثقافة العربيّة، والفارسيّة، واليونانيّة وكذلك الهندية، من خلال دراساته وقراءته للكتب على اختلاف لغاتها، وقد كان ذكيّاً حسَن الخُلُق، وكريماً، ورغم هذه الأخلاق وهذا النجاح الذي حقّقه فقد كان هناك مَن يتعمّدُ إفساد سمعته والتحدّث عن سوء أخلاقه، حيث قيل بأنّه كان دائمَ السخرية من والي البصرة سفيان بن معاوية؛ نظراً لكبر أنف الوالي، ومع مرور الوقت غضب الوالي غضباً شديداً حتى قام بقتل ابن المقفع عن طريق تقطيع أعضائه ورميها في النار. ولكن هناك من المؤرّخين من دافع عن ابن المقفع، حيث استبعدوا أنْ يتصرّفَ بهذا الاستهتار ويسخر من الحاكم؛ كونَه مُفكّراً ذكيّاً وحكيماً

 

المقالات المتعلقة بمن هو صاحب كتاب كليلة ودمنة