تعدّ القراءة هي المصدر الأوّل والأفضل للمعرفة، وهي السلاح الأقوى الّذي من الممكن أن يمتلكه أيّ فردٍ أو مجتمعٍ على الإطلاق؛ إذ إنّ القراءة تمكنّ الإنسان من اكتساب خبرة الآخرين والتي لا يمكن له اكتسابها حتى ولو عاش آلاف السنين، أو كما قال عباس محمود العقاد: " القراءة تضيف إلى عمر الإنسان أعماراً أخرى"، فالقراءة تمكنك من اطّلاع المعرفة والتجارب التي مرّت على البشر منذ بداية الكتابة والتدوين والخبرات التي اكتسبوها منها، فالكتاب هو الصديق الوحيد الذي لا يمكنه أن يخونك على الإطلاق أو يكذب عليك، ولذا لا يوجد أفضل من هذا الصديق لكي تبني خبرتك على أساس نصحه.
القراءة الواعية تفيد الفرد والمجتمع على وجه العموم، فإن أردنا أن نرى الطريقة التي تفيد بها القراءة الفرد، فإنّنا نتفق جميعاً على المعرفة التي تُكسبها القراءة للفرد والعلوم المختلفة التي يطّلع عليها عن طريق القراءة والتي لا نعلم متى ستفيدنا، وحتى ولو لم تفدنا هذه المعلومات التي نكتسبها من القراءة بشكلٍ مباشر، فإنّها تساعدنا على ربط الأمور ببعضها البعض وفهم الكون بشكلٍ أفضل وأوسع.
ويجب أن نعلم أيضاً أنّ المعرفة هي الأمر الوحيد الذي لا يمكن أن يفقده الشخص، فمن الممكن أن يتعرّض الإنسان لموقف يفقد من خلاله عمله أو ماله أو حتى عائلته وجسده، ولكن المعرفة هي الأمر الوحيد الذي ليس من الممكن له أن يفارق الإنسان، فلو ضربنا مثالاً بعالم الفيزياء ستيف هوكينغ، فنسجد أنّ أيّ شخصٍ تعرض لما تعرض له سيفقد الأمل في الحياة وسيكون في قعر المجتمع، ولكن ما جعل من ستيف هوكينج واحداً من أعظم الشخصيّات في العالم بأسره هو علمه ومعرفته التي اكتسبها في بادئ الأمر عن طريق القراءة.
إنّ للقراءة العديد من الإيجابيّات الأخرى التي تنعكس على الفرد، فعند قيامنا بالقراءة سنقوم باكتساب مصطلحاتٍ جديدة وتعلّم أساليب جديدة في الكلام، وهو ما سيساعدنا على تحسين أدائنا في الكتابة والتحدّث أيضاً، بالإضافة إلى أنّها تساعدنا على تحسّن طريقة تفكيرنا وزيادة التركيز لدى الإنسان، كما أنّ القراءة تساعد بشكلٍ كبير على تحسّن الذاكرة وبالتالي تفادي العديد من الأمراض كالزهايمر.
أهميّة القراءة للفرد هي أحد الأمور البديهيّة لدى العديد من الناس مقارنةً بأهميّتها للمجتمع؛ إذ إنّه عند القراءة فإنّ كلّ شخصٍ يقوم بالارتقاء بنفسه فكيف لذلك أن يرتقي بالمجتمع؟
الإجابة هنا تكون بأنّ المجتمع مكونٌ من مجموعةٍ من الأفراد والذي يرتقي بارتقائهم وينحطّ بانحطاطهم؛ فالمجتمع ليس كائناً منفصلاً بذاته يكون مستواه في المجتمع تبعاً لتصرفاته، بل إنّ مستوى المجتمع أو الدولة وارتقائها يكون نتاجاً لأفعال من يشكّلونها، فبالتالي إذا ارتقى الناس بتفكيرهم فإنّ المجتمع ككلٍّ سيرتقي بتفكيره أيضاً، فلو افترضنا أنّ دولةً ما فرضت على جميع المواطنين أن يقوموا بالتمارين الرياضية والعسكرية كلّ يوم، فإنّ سكان هذه الدولة سيصبحون من أشرس المحاربين كما حصل مع الأسبارطة الذين لا زال التاريخ يذكرهم حتى الوقت الحالي، وهذا ما سيحصل أيضاً في حال قام جميع سكان الدولة بالاهتمام بالمعرفة والقراءة، فإنّها ستشكّل حضارةً لن يذكرها التاريخ فقط، بل إنّها ستساهم في صنع التاريخ وتشكيل عقول البشر حتى بعد آلاف السنين، كما حصل مع الإغريق الّذين كان نتاجاً لشغفهم للمعرفة والقراءة العديد من الفلاسفة العظام كأفلاطون وأرسطو والأطباء والعلماء، والذين ما زالت أفكارهم تساهم في تشكيل عقول الناس حتى وقتنا الحالي.
المقالات المتعلقة بأهمية القراءة للفرد والمجتمع