رابعة العدوية والتي تكنى بـ (أم الخير) ، عراقية من مدينة البصرى ، من أشهر الشخصيات في (عالم التصوف) ، وهي تعدّ من أحد مذاهب "العشق الإلهي" .
كانت رابعة الإبنة الرابعة لأبيها ، وهذا سبب تسميتها ، تربت يتيمة ، فقد توفي والدها ولم تتجاوز العاشرةَ من عمرها بعد ، ولحقت أمها به بعد فترةٍ وجيزة ، لتجد نفسها مع أخواتها دون معيلٍ لهن في الحياة ، ليذقن مرارة الفقر والجوع والهزال واليتم الكامل ، فلم يترك لهن والدهن سوى قارب لنقل الناس بمبالغ زهيدة في أحد أنهار البصرة ، فانطلقت للعمل لتحل محل أبيها ، لتعود منهكةً تهوّن على نفسها هذا الشقاء بالغناء .
أصاب البصرى الجفاف والقحط ، الأمر الذي جعل رابعة تغادر بيتها برفقة أخواتها ، الأمر الذي أدّى إلى فرقتها معهن مع مرور الأيام ، لتجد نفسها وحيدةً مشرّدة ، وقام أحد اللصوص باختطافها ، وقام ببيعها بستة دراهم!
أذاقها التاجر الذي قام بشرائها شتى صنوف التعذيب .
اختلفت الأقاويل حول ما كانت عليه رابعة العدوية قبل أن تصبح متعبدة ، أفنت عمرها في الحب الإلهي ، فمنهم من قال بأنها كانت فتاةً لعوباً ، قبل أن تتجه لعبادة الله معتزلةً الناس ، ومنهم من قال بأنها نشأت وكبرت وترعرعت على حب الله ، وكانت على الدوام محافظةً على صلواتها ، حافظةً للقرآن ، وبقيت عذراء طوال عمرها ، برغم تقدم أفضل الرجال لخطبتها ، ولكنها أبت لانصرافها وانشغالها بعبادة الله ، حتى كان يطلق عليها "العابد" ، وهي على الأغلب هذه هي نشأتها وحياتها منذ مولدها ، لا كما روّج البعض عنها ، وكانت رسالتها هي "أن نحب من أحبنا أولاً وهو الله" .
كانت رابعة صوفيّةً بحق ، لا مجرد ناسكةً زاهدة ، يدفعها لهذا الأمر حبٌ عميق قوي ، لتكون من طليعة من قالوا بالحب الخالص ، والذي لا تقيّده رغبة سوى حب الله .
كانت رابعة تمتلك ملكة الشعر ، تأججت تلك الملكة بالعاطفة القوية التي كانت تتفجر من أعماقها ، لتخرج منها الكلمات بسلاسة ، لتعبر عمّا يعتريها من شعور العشق الإلهي ، وكانت أشعارها كرسالة ليحبّ الجميع المحبوب العظيم .
من أشهر أقوالها :-
فليتك تحلو والحياة مريرةٌ ، وليتـك ترضى والأنام غضـاب وليت الذي بيني وبينك عامرٌ ، وبيني وبين العالمين خراب
نسبت هذه الكلمات لأبي فراسٍ الحمداني ، خلال وجوده في الأسر.
وبقيت رابعة على هذه الحال حتى توفيت وهي في الثمانين من عمرها .
روي عن أبيها بأنه كان قد رأى رسول الله في منامه قبل ولادة رابعة ، وقال له "لا تحزن فهذه الوليدة سيّدة جليلة" ، وبعد أن رزق بها جاء معها الرزق الوفير .
أما عن سلوكها الطريق المؤدي إلى الله ، فقد قالت بشأن هذا الأمر بأنها قد رأت في أثناء نومها بأنها محاطةً بنورٍ ساطع ، فسبحت فيه ، لتسمع منادياً يناديها بترك اللهو والغناء ، والتفرغ للطاعة والتضرع والمناجاة، لتقبل بعدها على الطاعة الخالصة لله تاركةً أمور الدنيا ، زاهدةً بها ، لتبدأ بحفظ القرآن ، والتفرغ لطاعة الله .
المقالات المتعلقة بمن هي رابعة العدوية