ما بعد الحداثة

ما بعد الحداثة

ما بعد الحداثة هو اسم الفلسفة التي تعبر وتتسائل عما بعد الحداثة الغربية، ومفهوم الحداثة هو الجديد بعد القديم، فما بعد الحداثة تقرأ وتفهم على أنها نقد لفترة الحداثة التي تعيشها المجتمعات في هذا العصر وتحديداً في نهايات القرن المنصرم وبدايات القرن الحالي الذي وصلت فيه الحداثة والتقدم إلى ذروتها، بشكل لم يتوفر للبشرية من قبل الأمر الذي ولد شعوراً باليأس والإحباط لدى عدد كبير من الناس بسبب هذه الحداثة. فبعد الدمار والتخريب والإنتكاسة التي شهدتها البشرية في الحربين العالميتيتن وتحديداً الحرب العالمية الثانية وما أحدثته الفاشية من خراب أصاب جزءاً كبيراً من أوروبا، إضافة إلى الإبادة التي مارستها الولايات المتحداة الأمريكية بحق الشعب الياباني والذي تمثل بالجريمة النكراء وهي إلقاء القنبلتين النوويتين على اليابان، لم يعد الناس يثقون بموضوع التقدمية والحداثة وخصوصاُ النخب المثقفة نظراً لما رأوه من إجرام ودموية نتج عن هذا التقدم التقني الهائل.

يتم النظر إلى مفهوم أو فلسفة ما بعد الحداثة من خلال أربعة مناظير أو أربعة زوايا، فهناك الزاوية التاريخية التي ترى في أن مفهوم ما بعد الحداثة فيه انفصال عن الحداثة نفسها، وأنها تاريخياً تسير مبتعدة عنها، أما الزاوية الفلسفية لتفسير ما بعد الحداثة فترى أن نشوء ما بعد الحداثة هو دليل على الفراغ الذي أحدثته غياب الحداثة نفسه، وهناك الزاوية أو المنظور السياسي الأيدولوجي والذي يرى فيما بعد الحداثة على أنها المفهوم الذي يظهر ما يعتري الأفكار الأيدولوجية الغربية من عيوب وتناقضات وأوهام، وأخيراً هناك الزاوية الاستراتيجية النصوصية والتي تنظر إلى ما بعد الحداثة على أنها لا تحتوي أو تتضمن على معايير تتسم بالمنهجية.

أما على مستوى التطور فلقد ارتبطت ما بعد الحداثة في بتطور الرأسمالية في الدول الغربية حيث عملت على تعرية الرأسمالية ومؤسساتها التي أصبحت تهيمن على العالم. وارتبطت ما بعد الحداثة أيضاً بوسائل الإعلام وجاءت كرد فعل على الأفكار الغربية التي تؤسس للهمينة والسيطرة والاستغلال وعودة الاستعباد من جديد، وظهرت في ظل ظروف معقدة على كافة المستويات والأصعدة، فالوقت الذي ظهرت فيه كان هناك نشاط الأسحة النووية والحرب الباردة والعالمية الثانية إضافة إلى ظهور النظريات الفلسفية الجديدة المختلفة. وحارب ما بعد الحداثة حرباً ضروساً كافة النظريات العقلانية ودعت إلى إعادة إحياء الأساطير من جديد إضافة إلى تفضيلها للروحانيات. يشار إلى أن مفهوم ما بعد الحداثة أول ما بدأ كان في النواحي الفنية كالعمارة والفنون التشكيلية وغيرها ثم امتد ليشمل باقي الجوانب.

 

المقالات المتعلقة بما بعد الحداثة