عام الحزن شهد النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم الكثير من المحن في حياته وتحمّلها بقلبٍ صابرٍ ومحتسبٍ من أجل نشر الرسالة السماويّة إلى جميع البشر، ولكن في عام الحزن تجمّعت عليه المصائب؛ فقد توفيت السيدة خديجة زوجته صلّى الله عليه وسلّم وهي التي كانت تقف إلى جانبه وتؤازره، كما توفي عمه أبو طالبٍ الذي كان يحميه من بطش قريشٍ وأذاهم، وعندما ذهب صلّى الله عليه وسلّم إلى الطائف ليدعوهم ويطلب النصرة منهم ردوه وبعثوا أبناءهم ليلقوا عليه الحجارة حتّى سال الدم من قدميه الشريفتين، فمر صلّى الله عليه وسلّم بفترةٍ عصيبةٍ وبنفسيّةٍ متعبةٍ، فخفّف الله تعالى ما به من حزنٍ برحلة الإسراء والمعراج.
وصف لرحلة الاسراء والمعراج - بدأت رحلة الإسراء والمعراج بانتقاله صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد الأقضى، على متن البُّراق وهي دابةٌ عجيبةٌ تضع حافرها عند مدّ بصرها، وعند باب المسجد الأقصى ربط جبريل دابة البراق، ودخل مع النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى داخل المسجد حيث كان على موعدٍ للقاء إخوانه من الأنبياء عليهم السلام، وصلّى بهم وكان هو الإمام، وتدلّ إمامته لهم بمدى ارتباط رسالات الأنبياء معاً، وفي نفس الوقت أفضلية النبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم عند الله عليهم جميعاً.
- صعد النبي صلّى الله عليه وسلّم مع جبريل عليه السلام إلى السماوات العلى برحلة المعراج، وكان جبريل عليه السلام كلما يصل إلى باب سماء يطلب الإذن للدخول له ولمحمد صلّى الله عليه وسلّم وكان يتم الترحيب بهم أشد ترحيبٍ لمعرفة جميع أهل السماء بمحبة الله تعالى لسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وفي السماء الدنيا التقى صلّى الله عليه وسلّم بأبو الأنبياء سيدنا آدم عليه السلام، وقد كان سيدنا آدم جالساً وعن يمينه وشماله أرواح ذريته، فإذا نظر إلى يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى، وعندما سأله النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك رد عليه بأنَّ الأرواح التي على اليمين للمؤمنين بينما الأرواح عن الشمال للكافرين من أمّته.
- صعد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى السماء الثانية والتقى بسيدنا عيسى عليه السلام وسيدنا يحى عليه السلام، ثمّ انطلق إلى السماء الثالثة والتقى فيها التقى بسيدنا يوسف عليه السلام، ثمّ انطلق إلى السماء الرابعة والتقى هناك بسيدنا إدريس عليه السلام، وفي السماء الخامسة التقى بسيدنا هارون عليه السلام، ثمّ أكمل رحلته إلى السماء السادسة وفيها التقى مع سيدنا موسى عليه وسلم، وفي السماء السابعة التقى مع الخليل إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم، وقد كان مسنداً ظهره إلى البيت للمغمور الذي يدخله يومياً سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون إليه أبداً.
- صعد النبي إلى سدرة المنتهى، وهي شجرةٌ عظيمة القدر وحجمها كبيرٌ، ولها ثمارٌ تشبه الجرار الكبيرة، والأوراق كآذان الفيلة، وهناك شاهد النبي صلّى الله عليه وسلّم جبريل على هيئته الملائكية، ثمّ حانت اللحظة التي سيقابل فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم الله عز وحل ويتشرف بالجلوس بين يديه، ونسي ما ألّم به من حزنٍ ونصبٍ وتعبٍ.