وسائل التربية القديمة

وسائل التربية القديمة

التربية

المجتمعات البشرية في تقدمٍ وتغيرٍ مستمرَين، ويمكن أن يكون في هذا التقدم الخير، ولكنه ليس مطلقاً، فليس كل ما هو جديد أفضل، والتربية تعني إكساب الطفل المعلومات، المهارات، والسلوكيات التي يُعتقد بأنها الأفضل، وتوفير كل الوسائل التي تعين على نموه من جميع الجوانب الجسدية، والنفسية، والاجتماعية، والعقلية، وغرس القيم الدينية في نفسه.

وسائل التربية القديمة

من الصعب وضع حدٍّ فاصلٍ بين الأساليب القديمةً والحديثة في التربية؛ لأنّ المجتمعات البشرية ترتقي بالتربية انطلاقاً من ميول وقدرات الأبناء، وتصعد بهم سلم نجاحهم عبر المدرسة، فالمدرسة هي نتاج التطور الاجتماعي للبشر، ففي السابق كانت المدارس غير متوفرةٍ، وكان التعليم يعتمد على الاجتهادات الفردية أو الجماعية، وليس على نظرياتٍ علميةٍ مدروسةٍ ومجربةٍ، فما يصلح في ذلك الزمان لا يصلح الآن وما يستخدم الآن لا يصلح في السابق، فحاجات الإنسان متعددةً ومتطورةً، ففي السابق كانت حاجات الفرد محدودةً جداً لا تتعدى الحصول على الطعام والشراب والأمن، فكانت أساسيات التعليم تحقق هذه الأهداف، ولا تزيد عنها.

كان الإنسان يجهل تفاصيل نفسه، ورؤيته لمداركه غير واضحة؛ فالطفل هو الوعاء الذي يجب أن يُزوّد بالمعلومات، فكانت التربية تقوم على مبدأ التلقين الجاف للمعلومات، ولا يجب على الطفل استيعاب هذه المعلومات، وعليه الحفظ عن ظهر قلبٍ بغض النظر عن ميوله ورغباته أو حتى قدراته العقلية، بل يجب عليه الطاعة العمياء دون إبداء رأيه على قاعدة تقديم التعليم على التربية.

ما يؤخذ على التربية التقليدية هو تركيزها على الذاكرة والحفظ فقط، فاستندت على علم نفسٍ ناقصٍ أهمل الجوانب العاطفيّة، والدوافع التي تتحكم بنشاط الطفل، لأنها تعتبر الطفل رجلاً صغيراً يفترض به أن يقتنع بأنّ ما يتعلمه هو ما ينفعه وما يحتاجه، لذا عليه استيعاب هذه المفاهيم، وتطبيق ما يتعلمه دون تفكيرٍ، ولو حاول توجيه النقد يصبح إنساناً متمرداً غير طبيعي، وبحاجةٍ إلى تهذيبٍ.

التربية القديمة تعتبر أن التعليم إعدادٌ للحياة، وأنّ الحياة ليست لعباً ولهواً، لذلك على الطفل أن يكون مستمعاً جيداً، ومتلقياً لدروسه دون مشاركةٍ فعالةٍ منه، فهي تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الواجبات البيتية كمعيارٍ لقياس جدية الطالب وفهمه لدرسه.

إن جميع الممارسات التربوية أو التعليمية تنطلق من البيئة، فكانت البيئات خشنةً بشكلٍ عامٍ، والحياة كانت قاسيةً، فحاجات الفرد ورغباته وأحاسيسه تنطلق من هذه الواقع، فإذا عاش الطفل في بيئة صحراويةٍ أثمن ما فيها كأس ماءٍ، فلن أن يتطلع أو يفكر بعمل بركة سباحة في منزله.

المقالات المتعلقة بوسائل التربية القديمة