قالوا في وصف العربيّ الأصيل أنّه يتحلّى بالأخلاق والفضائل الحميدة التي تكون نهجاً ونبراساً يستنير به طيلة حياته، وقد خلّد التاريخ أسماءَ شخصيات كبيرة لعظماءَ كانوا مفخرة قومهم، بعد أن تركوا بصمة لا تمحى في وجدان الذاكرة العربيّة، ومن بين هذه الشخصيات وفي قائمتها حاتم الطائي المعروف (بأبو الكرم والجود والشهامة).
حاتم الطائي يعتبر حاتم الطائي شخصية من أشرف أنساب العرب، وهو أشهر مَن نظم الشعر الجاهلي. هوحاتم بن عبدالله بن سعد بن آل فاضل بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم هزومة بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ الطائي، ورث عن أمه التي كانت من الأغنياء وهي عتبة بنت عفيف بن عمرو بن أخزم الكرم والسخاء وإغاثة الملهوف، ويقال بأنّ أخواله قد حرموها ثروتها وميراثها منعاً لها من تبديدها. حياة ومواقف حاتم الطائيولد حاتم وعاش في حائل في شمال المملكة العربية السعودية قبل الإسلام، ويذكر بأنّه زار بلاد الشام وفيها التقى بماوية الغسانية بنت حجر، فتزوج منها، وأنجبت منه ثلاثة أبناء ولدان وبنت وهم :عدي وسفانة وعبدالله، وتوفي عام ستمئة وخمسة ميلادي.
جُمعت في شخصه كل شيمة فضلى، فكان من الفرسان الميامين وكان شِعره فريداً ككرمه، وكان إذا قال فعل، وإذا وعد أوفى، وفي ساحات النزال كانت له الغلبة، وكان إذا غنم بأسرى في حرب ما سرعان ما يطلقهم، وفي السباقات كان الفائز الأول وأينما حلّ في أيّ منطقة كان منزله معروفاً للجميع، فقد كان يذبح عشرة إبل في كلّ يوم ويطعم من لحمها القاصي والداني حتى بلغت سمعته الأمصار وذاع صيته في كل الأصقاع، وبات الكلّ يخبر قصصه، ومواقف كرمه، وجوده التي تكاد لا تصدقها العقول.
من المواقف المشهورة عن حاتم الطائي الذي كلفه خسارة والده، وأهله، وعشيرته حين قام بذبح إبل أبيه كلها التي كان يرعاها لرجال ثلاث كانوا في طريقهم إلى النعمان و قد التقاهم دون سابق معرفة وطلبوا منه طعاماً وهم يقصدون بعض اللبن فنحر لهم من الإبل ثلاث وكانوا هم الشعراء الثلاثة: بشر بن أبي خازم، وعبيد بن الأبرص، والنابغة الذبياني، ولإعجابهم ممّا رأوا من كرم حاتم قالوا فيه أبيات من الشعر والمديح الشيء الكثير، وليردّ لهم حسن صنيعهم حلف أن يضرب عراقيب كل الإبل التي معه أو يقتسموها بأنفسهم، وحين فعلوا كان قد نحر منها تسعة وثلاثين رأساً، وحين علم والده بما فعل استشاط غضباً بعد أن أقسم بأن يتركه ولا يجاوره فقال حاتم:
إنّي لعف الفقر مشترك الغنى
وتارك شكلًا لا يوافقه شكليوشكلي شكل لا يقوم لمثله
من الناس إلا كل ذي نيقة مثليوأجعل مالي دون عرضي جنة
لنفسي وأستغني بما كان من فضلوما ضرني أن سار سعد بأهله
وأفردني في الدار ليس مع أهليالمقالات المتعلقة بموضوع عن حاتم الطائي