فتح جزيرة صقلية
نشأت جزيرة صقلية في عهد الدولة الفاطمية في الفترة الزمنية ما بين 965-1072م، ويعود الفضل إلى حسن الكلبي في تأسيسها، وتعرّضت الجزيرة على مرّ التاريخ للكثير من الغزوات؛ ففي عام 535م تمكّن الإمبراطور جستنيان الأول من تحويل إمارة صقلية إلى مقاطعة بيزنطية، وسادت اللغة اليونانية خلال هذه الفترة في الإمارة.
مع حلول سنة 31 للهجرة، خلال خلافة الصحابي الجليل عثمان بن عفان توجّهت أنظار المسلمين إلى صقلية لفتحها، فسيّر جيوشاً بقيادة القائد المسلم أسد بن الفرات لفتحها وتكللّ ذلك بالنجاح، وانتقلوا بعدها إلى قرطاجة لفتحها، فمكّنهم ذلك من أسطول قوي للمسلمين بالإضافة إلى قاعدة بحرية.
الأسد بن فرات فاتح صقلية
هو القاضي القيرواني أسد بن الفرات بن سنان، المُكنّى بأبي عبد الله، ولد في عام 142 للهجرة الموافق 759 ميلادية في مدينة حرّان في مضارب ديار بكر في الشام ، وتنحدر أصوله من نيسابور.
نشأ بن الفرات وترعرع في كنف والده في مدينة حرّان، وانتقلت عائلته للعيش بعدها في القيراون نظراً لانضمام والده لجيوش محمد بن الأشعث سنة 761م، وفي إفريقيا تتلمذ على يد علي بن زياد، وفي عام 172م توجّه أسد بن الفرات إلى المشرق طلباً للعلم فتتلمذ على يد الإمام مالك، وانتقل فيما بعد إلى العراق وتفقّه في المذهب الحنفي على يد أبي يوسف والشيباني.
انتقل بن الفرات إلى مصر ليكمل تعليمه، فالتقى بمجموعة من أئمّة الفقه، وتتلمذ هناك على يد ابن القاسم، وعاود أدراجه إلى بلاده ليبدأ بالتدريس ونشر العلم، فبدأ بنشر مذهب أهل الحديث في المدينة المنوّرة، وانتقل إلى بغداد لينشر مذهب أهل الرأي، ويعود له الفضل في إدخال المذهب المالكي في الجزائر.
بدأ الناس بالتوافد على ابن الفرات ليأخذوا عنه العلوم، فكانوا يأتون من جميع أنحاء بلاد المغرب والأندلس إلى القيران حيث مقرّه، وبفضل سعة علمه وشغفه به فقد علا قدره وارتفع شأنه، وبدأ أتباع المذهب المالكي بالتوافد إليه ليطرحوا عليه الأسئلة الدينية. تولّى أسد بن الفُرات القضاء في مدينة القيروان في عام 204 هجرية، وبقي في منصبه إلى أن جاء الأمر من زيادة الله بن إبراهيم بتعيينه أميراً على جيوش المسلمين والتوجّه لفتح صقلية عام 212 للهجرة، فسار وخلفه ما يفوق تسعمائة فارس وعشرة آلاف رجل تقريباً.
بلغت جيوش المسلمين الهدف المُراد بعد مرور خمسة أيام من انطلاق الجيوش من نقطة الانطلاق، فحطت الجيوش في مرسى مزارا في الناحية الجنوبية الغربية من صقلية في الثامن عشر من ربيع الأول من ذلك العام، وتمّ فتحها على يد المسلمين بعد معركة حامية الوطيس مع البيزنطييّن، وولّى البيزنطيون أدبارهم إلى مدينة قصريانة.
في عام 213 للهجرة ألمّ مرض الطاعون في القائد المسلم أسد بن فرات، وكان ذلك خلال فرضه الحصار على مدينة سرقوسة في شهر ربيع الثاني من ذلك العام، ووارى جثمانه ثرى قصريانة.
المقالات المتعلقة بمن هو القائد الذي فتح جزيرة صقلية