المرأة المحصنة هي المرأة المتزوجة أو العفيفة أو الحُرّة من ذوات النسب الرفيع، حيث يقول الله تعالى في قوله عن السيدة مريم: (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا) [الأنبياء: 91]، فيقصد بالتحصين في هذه الآية هو العفّة، وصيانة الشرف والعرض، أي أنّ المرأة المُحصنة لها من أخلاقها ما يصونها عن فعل البغاء والرذيلة.
معانٍ أخرى للمحصناتيأتي التحصين بمعنى الزواج، أو المرأة المتزوّجة، باعتبار أن الزواج هو تحصينٌ يحمي النساء والرجال، ويصونهم من الذهاب إلى الرذيلة والزنا، كما أنّ الإماء والجواري في العصور القديمة كانوا مُعرّضين للفتنة والغواية، لذلك أجاز الله تعالى الزواج منهنّ لمن يخشى على نفسه الوقوع في الزنا والفاحشة، حيث يكون الزواج منهنّ بإذن مالك الجارية؛ فهو صاحب الأهليّة عليها، وأن يدفع لها مهراً حسب المتعارف عليه، ولا بُدّ أن يكون هذا الزواج زواجاً شرعياً، وليس بغرض الزنا أو اتخاذها خليلة. فقوله تعالى عنهن: (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) [النساء: 25] يعني الشرف وقوله تعالى عنهن (فإذا أٌحْصَنَّ) [النساء: 25] أي إذا تزوّجن؛ فالإحصان هنا يقصد به الزواج (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النساء: 25] يعني عليهن نصف ما على النساء الحرات المتزوجات من العقوبة.
ورد في الآية كلمة الإحصان وتوابعها بالمعاني الثلاثة: بمعنى العفة، والشرف، وبمعنى الزواج، وبمعنى الحرائر. عقاب من يرمي المحصنات ظلماًلا يُقصد بالمحصنة المتزوّجة فقط، بل يشمل هذا المصطلح كل امرأة شريفة وعفيفة، سواءً كانت متزوّجة أو غير متزوّجة أو مُطلّقة؛ فإذا رماها ظالمٌ بشيء يمسُّ شرفها وعرضها، ولم يأتِ بشهود على ذلك فيُعاقب بجلده 80 جلدة، بالإضافة لعدم أهليّته للشهادة، كما حرّم سبحانه وتعالى الاستطالة على أعراض المسلمين، سواءً كان ذلك في النساء أو الرجال، فقال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58]، ويُقصد بهذه الآية الكريمة كلّ من يستطيلون في أعراض الناس عدواناً وظلماً، أي الذين ينسبون لهم ما ليس فيهم، وهم براء منه، ولم يصدر عنهم فعلياً، حيث إنّ قذف المحصنات يُعتبر من أشنع الذنوب، لأنّه فعلٌ يُضرُّ بالمقذوف، ويُسيء إليه، لذلك جاء التحذير منه في القرآن الكريم شديداً، بالإضافة إلى أنّه مقرونٌ بما يردع القاذف من العقوبة.
المقالات المتعلقة بمن هن المحصنات