وُجدت معاجم اللغة لتوضيح كلّ غريب، وغامض، وللمُحافظة على اللغة العربيّة، ومفرداتها من الضّياع؛ فقديماً كانت هذه اللغة محفوظة، وذلك لعدم اختِلاط العرب بالجنسيّات المُختلفة الأخرى، ومع دخول غير العَرب إلى الإسلام أُدخلت بعضُ المُفردات الغريبة على العربيّة، ومن أشهر المَعاجم التي وجدت للحفاظ عليها مُعجم لسان العرب. سنتحدّث خلال هذا المقال عن مؤلّف هذا المعجم وأهميّته.
معجم لسان العربهو من أشهر معاجم اللغة العربية على الإطلاق، وأشملها؛ فقد احتوى على جميع الألفاظ، والمعاني، فهو يُعدّ مرجعاً أساسيّاً للعلماء على مر العصور؛ إذ عمل ابن منظور على جمع معانيه من أمهات المعاجم العربية، كمعجم تهذيب اللغة للأزهري، والمُحكم لابن سيدة، والنهاية في غريب الحديث لابن أثير، والصحاح للجوهري، وحاشية الصحاح لابن بري.
اعتمد المؤلف في منهجه على تقسيم الأبواب تقسيماً ألفبائياً، ثم قسم هذه الأبواب فصولاً مرتّبة بطريقة ألفبائية أيضاً معتمداً على الحرف الأخير من جذر الكلمة الأصلي، وبلغت مواد هذا المعجم ثمانين ألف مادة، فهو من أغنى المَعاجم العربية، واستشهد فيه بالكثير من الآيات، والأحاديث الشريفة، والأقوال المأثورة، إضافةً إلى أبيات من الشّعر العربي موزّعةً من العصر الجاهلي، وحتى العباسي، فلم تكن استشهاداته المختلفة حشواً، بل موضّحةً للمُراد المقصود.
افتتح ابن منظور مُعجمه بمُقدّمة استهلّها بالحمد، والشكر، وذكر فضائل اللغة العربية، ومكانتها، وبعد ذلك انتقل إلى نقد المَعاجم السابقة، كالمحكم، والصّحاح، والتهذيب، وشرح سبب قيامه بتأليف معجم لسان العرب وهو إعادة الفهرسة، والإنتاج بطابع علميّ سلس، يسهل على الدارس الوصول إلى غايته، ولم تقتصر مهمّته على أنه كتاب لغة فقط، بل هو أيضاً كتاب نحو، وصرف، وأدب، وشرح للأحاديث النبوية الشريفة، ومفسر للقرآن.
مؤلف لسان العربمؤلّف مُعجم لسان العرب هو محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري الرويقي الإفريقي المصري، ويُطلق عليه "ابن منظور"، ولد ابن منظور عام ستمئة وثلاثين للهجرة، وقد اختُلِف في مكان ولادته، فهناك من يقول إنّه ولد في مصر، وهو الأغلب، وهناك من يقول إنّه ولد في طرابلس العرب.
احتلّ المؤلّف مكانةً كبيرة في عصره، فهو العالم بالفقه واللغة، والجامع بكل أصول النحو، والتاريخ، والكتابة، إضافةً إلى قيامه بالنظم، والنثر، ونتيجةً لعلمه الوفير عمل مدّةً طويلة في ديوان الإنشاء في القاهرة، وبعد ذلك تولّى مَنصب القضاء في طرابلس، توفّي ابن منظور عام سبعمئة وأحدى عشر للهجرة في مصر، وكان عمره اثنين وثمانين عاماً.
المقالات المتعلقة بمن مؤلف لسان العرب