من أركان الإسلام الراسخة ركن الصيام الذي فرضه الله عز وجل في وقت مخصوص اتّصل بشهر رمضان ، هذا الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن على رسوله محمد ( صلى الله عليه وسلّم) ليزدان بين الشهور بهذا الركن العظيم وشرف القرآن الكريم ، وجعل الله فيه ليلة من خير الليالي هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، لا شكّ أن الحكمة من التشريع الإسلامي بعضها ظاهر أدركته عقولنا وطالته حواسنا ، وبعضها غابت عن إدراكنا المحدود ؛ ولذا فنحن نتعبّد الله عزّ وجل بطاعته سواءٌ أحًطنا بحكمة تشريعه أم جهلنا .
فالصيام قد كتبه الله علينا في قوله جلّ وعلا : (( ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) سورة البقرة ، والصيام يكون بالإمساك عن الطعام والشراب والجماع أو ما يفضي إليه ومن باب أولى الإمساك عن الحديث الباطل والكلام البذيء وهذا شأن المسلم في سائر أموره وليس مخصوصاً بيوم أو شهر أو سنة ويكون هذا الإمساك من طلوع الفجر(حين ينادى لصلاة الفجر) حتى غروب شمس ذلك اليوم ، كما أن الله تعالى فرض الصيام تهذيباً للنفس المؤمنة واخضاعاً لشهوتها وتقوية لروحها على جوامح رغباتها فتحصّل لهذا الإنسان الصائم صحة للبدن ففيه صحة للأبدان وما رأى الطبّ شرّاً أشدّ من شرّ ادخال الطعام على الطعام فالمعدة هي بيت الداء ومن هنا كان الصيام صحة للبدن مطردة للأسقام، كما أن الصائم هو بشر لا يتأتى له أن يكون معصوماً عن الخطأ أو من إتمام عمله على أكمل وجه .
فرض الله عز وجل عليه زكاة الفطر واجبة يخرجها مع صومه زكاة لصومه وجبراً لكسر أعماله بأخطاء قد تقع منه أثناء صومه وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" رواه البخاري ومسلم ، وفي الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه قال : (زكاةُ الفطرِ طُهْرَةٌ للصائِمِ مِنَ اللغوِ والرفَثِ ، و طُعْمَةٌ للمساكينِ ، مَنْ أدَّاها قَبْلَ الصلاةِ فَهِيَ زكاةٌ مقبولَةٌ ، وَمَنْ أدَّاها بَعْدَ الصلاةِ فهِيَ صدَقَةٌ مِنَ الصدَقَاتِ) – صحيح الجامع للامام الالباني - وفي لفظ آخر :( فرض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ زكاةَ الفطرِ طُهرةً للصائمِ من الَّلغوِ والرفثِ وطعمةً للمساكينِ ، من أدَّاها قبلَ الصلاةِ فهي زكاةٌ مَقبولةٌ ، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصَّدقاتِ) لذا فهي زكاة واجبة على كل مسلم يشهد أن لا اله الا الله وأن محمداُ رسول الله وهو ما عليه جمهور أهل العلم اذ يجب قبل صلاة العيد واذا كان بعدها فهي صدقة أي انها لا تسقط أبدا حتى لمن فاتته قبل الصلاة ، وما عليه جمهور العلماء أيضاٌ أنها لا تسقط حتى بالنسيان فمن تذكّرها أدّاها في وقتها ولو بعد انقضاء الشهر الفضيل ، كيف لا وهي مطهرة وجابرة لنقص العبادة إذ أن من رحمة الله بنا أن جعل بعد العبادات أعمالا نجبر بها عيوبنا ونجمّل بها أعمالنا فتجد الإستغفار بعد الصلاة ، والصدقة بعد الصيام ، والنوافل بعد الفروض فسبحان الله الذي أراد بنا الخير فهو ربّ رحيم كريم .
المقالات المتعلقة بمن لم يخرج زكاة الفطر