من أقوى الحيوانات ذاكرة

خلق الله تعالى الحيوانات المتنوّعة على سطح الأرض، وأوجد في أجسامها ما يَجعلها تتكيّف مع المَنطقة التي تعيش فيها، ومع طبيعة حياتها، فمثلاً نجد الأسنان الحادة والأنياب عند الأسود والذئاب؛ لأنها تأكل اللحوم فتحتاج إليها من أجل تمزيقها، بينما نرى الأسنان الطاحنة التي تتواجد عند الأبقار والأغنام؛ لأنّها تتغذى على النباتات، والأعشاب فتحتاج إليها لطحنها ولا تحتاج إلى الأنياب، كما نجد بأنّ جسم البطريق مثلاً يحتوي على طبقةٍ دهنيّةٍ تحت الجلد لتحميه من برودة الأقطاب المتجمدة التي يعيش فيها، ويغطي الريش أجسام الطيور لمساعدتها على الطيران، وحمايتها من برد الشتاء، وحرّ الصيف، وغيرها الكثير من الأمثلة.

عندما تطور العِلم ازدادت معرفة الإنسان بخبايا وأسرار أجسام الكائنات الحية، فمثلاً درس العلماء وراقبوا الحيوانات المختلفة لتدوين قدراتها العقليّة في التمييز بين الأشياء وقدرتها في التذكر، وقدرتها على تعلّم ما هو جديدٌ عليها.

تُعدّ الإبل أقوى الحيوانات ذاكرةً؛ فقد أثبتت الدّراسات والبحوث التي أُجريت على مجموعةٍ من الحيوانات بأنّ الإبل هي الأكثر قدرةً على حفظ وتذكّر الأحداث لسنين طويلةً، وتعدّ الإبل أقوى ذاكرةً من الناقة.

كثيراً ما سمعنا عن ذاكرة الإبل القويّة في تذكر الأحداث ففي بعض الحالات تستخدمها في أشياء جيدةٍ مثل التعرّف على صاحبها مهما طال بعده عنها مثلاً، ولكن قد تستخدمها في بعض الأحيان في أشياءَ غير جيدةٍ مثل الانتقام عند الإساءة إليه.

الإبل من الحَيوانات الأليفة التي لجأ الإنسان إلى تربيتها في الصّحاري والمَناطق الرمليّة، وقد ميّزها الله تعالى بكثيرٍ من المعجزات والقدرات التي تساعدها على التكيّف مع البيئة التي تعيش فيها، وقد دعا الله عز وجل إلى التأمل فيها، فقال عز وجل: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ).{الغاشية:17}

تمتاز الإبل بضخامة جسمها، وطول عنقها، وقوّة بنيانها؛ حيث يصل وزن الواحدة منها ما بين (450-650) كيلوجراماً وأكثر، بينما قد يصل ارتفاعها عن الأرض إلى مترين أو أكثر من ذلك، وقد حباها الله تعالى بأرجل طويلةٍ وقويّةٍ لترفع جسمها الضخم عن حرارة الرمال الصحرارويّة، وتغطّي جسمها طبقة سميكة من الجلد المغطّى بالوبر؛ لحمايتها من حرارة الشمس، وقذائف الرمال اللاسعة.

تمتلك الإبل سناماً كبيراً يعدّ مخزناً للدهون، فعندما تشعر بالجوع والعطش وعدم توافر الغذاء فإنّ جسمها يُحوّل ما تحتاج إليه من الدهن إلى غذاءٍ وماءٍ، وبذلك تصبر على عدم تواجد الغذاء والماء لفتراتٍ طويلةٍ، وتمتلك الإبل خفّاً في أقدامها يساعدها على السير فوق الرّمال دون أن تنغرس فيها، وهذا الخفّ عبارة عن وسادةٍ عريضةٍ تتكوّن من الدهن والألياف المَرنة تتغلّف بطبقةٍ سميكةٍ من الجلد، كما أنّ هذا الخفّ يساعدها على السير فوق الصخور الصلبة، ذات الحرارة العالية دون الشعور بالتعب أو الألم.