تُعرف قناة بنما الواقعة في أمريكا الوُسطى بأنّها ممرٌّ مائيٌّ يصل بين كلٍّ من المحيط الهادي، والبحر الكاريبيّ، والمحيط الأطلسيّ، عبر مرورها في برزخ بنما، وتُعتبر من أعظم وأهمّ الإنجازات الهندسيّة على مستوى العالم ككلّ. إنَّ أوّل ذكر لإنشاء قناة بنما كان في عام ألفٍ وخمسمئةٍ وأربعةٍ وثلاثين للميلاد، وذلك من قِبَل الإمبراطور الرّومانيّ؛ حيث أمر شارل الخامس ملك إسبانيا بإجراء دراسةٍ حول طريقةٍ يُمكن لها أن تُقصّر السُّبل أمام السّفن الإسبانيّة المتّجهة إلى المنطقة.
شقّ قناة بنماكان على السّفن التي تودّ إرسال حمولاتها من مدينة نيويورك إلى مدينة سان فرانسيسكو أن تدور حول القسم الجنوبيّ من القارة الأمريكيّة لتقطع مسافة تُقدّر بحوالي عشرين ألفاً وتسعمئةَ كيلومترٍ، الأمر الذي أدّى إلى محاولة شقّها في عام ألفٍ وثمانمئةٍ وثمانين للميلاد تحت قيادةٍ فرنسيّة، ولكن لم تمض ثلاثُ سنواتٍ على الشّروع في العمل بها، حتّى توفيّ حوالي واحد وعشرون ألفًا وتسعمئة عاملٍ؛ وذلك يعود لتفشّي أمراضٍ عديدة فيما بينهم؛ كمرض الملاريا، ومرض الحمّى الصفراء، إضافة لانهيارات في الأرضيّة، لتُقرّر القيادة التخلّي عن هذا العمل.
لم تنتظر الولايات المتّحدةُ الأمريكيّة فترةً طويلةً حتّى بادرت بنفسها وسط جهودٍ حثيثة لشقّ هذه القناة بعد فشل الفرنسيّين؛ حيث اشترت حقوق شقّها منهم، وكان ذلك في الأوّل من شهر آب لعام ألفٍ وتسعمئةٍ واثنين للميلاد لتنتهي من عملها بنجاحٍ، وذلك في عام ألف وتسعمئة وأربعة عشر للميلاد، ولكنّها خسرت ما يتجاوز خمسةَ آلافٍ وستَّمئةِ عاملٍ في هذا الإنجاز الضّخم، والذي سيطرت عليه سيطرةً تامّة مع كافّة ما تُحيط بها من مناطق.
دامت السّيطرة الأمريكيّة على مشروع سدّ بنما مدّة خمسةٍ وثمانين عاماً، وذلك بموجب معاهدةٍ بين الولايات المتّحدة الأمريكيّة ودولة بنما، إلاَّ أنّ مدّة الاتفاقيّة انتهت في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وتسعةٍ وتسعين للميلاد، لتعود بذلك قناة بنما تحت إدارة دولتها.
التكلُفة والآليّات التي استُخدمت في شقّ قناة بنماإنّ مشروع شقّ قناة بنما كلّف الدّولةَ الأمريكيّة حوالي ثلاثمئةً وثمانين مليون دولار أمريكيّ، وعدداً كبيرًا من العمّال؛ حيث استغرق العمل فيها مدّة عشر سنواتٍ كاملة، مات فيها الكثيرون، وفرح الكثيرون أيضاً عند فتحها وإعلان الانتهاء العمل بها، وقد استُخدمت آلاتٌ كبيرةٌ لرفع الأتربة؛ إذ إنّ العمل كان عبارةً عن شقٍّ للغابات والتّلال المرتفعة الموجودة في المنطقة، إضافةً لوجود المُستَنقعات، فكان لا بدّ لهم من استعمال مجارف خاصّة للبحار، وغيرها الكثير من الآليّات الكبيرة، كالمكاسر والمجابل.
المقالات المتعلقة بمعلومات عن قناة بنما