يتعرّض المسلم في حياته الدّنيا لفتنٍ كثيرةٍ، فالفتنة هي الأمور والأحداث التي تحرف المسلم عن الطّريق المستقيم وتزيّن له الباطل فيعتقد أنّه الحقّ، فممّا روي عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من أمور آخر الزمان أنّ قوماً من هذه الأمّة يشربون الخمر والمسكر ويسمّونها بغير اسمها فيقال المشروبات الرّوحية ويسمّون أماكن الفسق والفجور بالملاهي، وكلّ ذلك من تزيين الشّيطان لأهل الضّلال فيلجؤون لإطلاق المسمّيات التي تظهر خلاف الحقيقة، فالخمر شرابٌ مستكره على النّفس محرمٌ في كل الشّرائع والزّنا والفسق هي أعمالٌ لا يرضى بها الله سبحانه وتعالى فضلاً عن مضارها الدّنيويّة والإجتماعيّة، فهذه حقيقة هذه الأمور التي يحاول الشّيطان تزيينها للبشر في صورةٍ جميلةٍ حسنةٍ، فالمسلم في طريقه لرضوان الله والجنّة يتعرّض لكثير من الفتن وهي تكون على صورٍ وأشكالٍ مختلفةٍ، فالغنى قد يكون فتنة تحرف النّاس عن الطّريق القويم فالمال محبّب للنّفوس وهو وسيلةٌ لتحقيق رغبات الإنسان وشهواته فإذا استخدمت في غير مرضاة الله كانت وبالاً على صاحبها وخسراناً، وكذلك الفقر والحاجة قد تكون فتنةً للكثيرين تضطرّهم لإتيان ما حرّم الله لسد حاجاتهم وقوت عيالهم .
و قد تحدّث النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن الفتن وأخبر أمّته بانتشارها بين يديّ السّاعة كقطع الليل المظلم وتعوّذ منها ما ظهر منها وما بطن، فهناك فتنٌ ظاهرةٌ للعيان نراها في شوارعنا وطرقاتنا كالنّساء اللاتي يخرجن سافرات وهناك فتنٌ مبطّنةٌ لا يراها إلا من أعطاه الله بصيرةً وعلماً كفتنة علماء السّوء الذين يدعون النّاس بكلام منمّقٍ مزيّنٍ إلى ما لا يرضي الله من القول والعمل، فبعضهم يسوّل للنّاس أكل الرّبا وارتكاب المحرمات بمزاعم وحججٍ واهيةٍ .
و لا ريب أن الإيمان في القلوب هو أشدّ سلاحٍ يمتلكه المسلم وأفضل وقايةٍ له من الوقوع في الفتن، فمهما مرّ بها أو عرضت عليه نظر إليها فتبيّنها ومحّصها بمعيار الإيمان والشّريعة وميزان التّقوى فترجح كفّة الصّواب عنده بما امتلكه من علمٍ وبصيرةٍ وحكمةٍ فلا يكون حيراناً تائهاً تتجاذبه الأهواء أو تتلقّفه الرّياح فتذهب به يمنةً أو يسرةً كما هو حال من كان ضعيف الإيمان، فعاصم الفتن هي التّقوى والتّمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى وسنّة نبيه عليه الصّلاة والسّلام والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ففيها النّجاة والفلاح بالدّنيا والآخرة .
المقالات المتعلقة بما هي الفتنة