يشعر الناس عادةً بالخوف من أمورٍ مختلفةٍ في حياتهم، سواء كانت هذه الأمور هي الظلمة أو الحشرات أو الحيوانات المفترسة والأماكن العالية والمغلقة وغيرها العديد، ويؤدّي هذا الشعور في العادة إلى تشغيل نظام الحماية الذاتي في الإنسان وهو الكر أو الفر، والّذي يعمل في العادة عندما يشعر عقلك بأنّ حياتك مهددةً بالخطر، حتى ولو لم يكن ذلك حقيقياّ، إلّا أنّ هذه هي الرسالة التي تصل إليه، ففي هذه الحالة يصبح أمام الإنسان خياران هما القتال أو الهروب.
توجد في الوقت الحالي العديد من الأمور المختلفة والتي يخاف منها الناس، والتي لا تهدد حياة الإنسان على الإطلاق، بعكس أسباب الخوف التي كانت تهدد أجدادنا في السابق، فعلى سبيل المثال نجد الناس يخافون من التحدث أمام العامة، ويخافون من الرسوب في الامتحان أو من بعض أنواع الحشرات غير المؤذية على الإطلاق، وهو ما يجعل الإنسان يتساءل عن السبب وراء الخوف.
مفهوم الخوفالخوف هو سلسلة من التفاعلات في الدماغ، والتي تحدث نتيجة التعرّض لموقفٍ ما؛ كوجود حيوانٍ مفترسٍ أمامك، أو العنكبوت، أو أن يهجم عليك شخصٌ بسكين، أو التحدث أمام العامة، وتنتهي هذه التفاعلات بإفراز المواد الكيميائيّة التي تعمل على تحفيز ردود الأفعال المختلفة المتعلقة بالخوف؛ كتسارع نبضات القلب، والتنفّس السريع، وتنشيط عضلات الجسم كي تتفاعل بشكلٍ أفضل مع ما يحدث حولها، وهي ما تعرف كما أسلفنا سابقاً بالكر أو الفر.
توجد في الجسم مليارات الخلايا العصبية التي تتواصل مع بعضها البعض ضمن شبكةٍ واحدة من أجل تحديد أفعال وأفكار الشخص، والتي يكون بعضها في الوعي والآخر في اللاوعي، والخوف هو واحدٌ من الأمور التي تحدث في لا وعي الإنسان، فلا نملك القدرة على تشغيلها تلقائياً إنما نشعر بها بعد أن نشعر بالخوف.
أهميّة الخوفالخوف هو واحدٌ من الصفات الموجودة في الإنسان والحيوانات على حدٍ سواء، وهو ليس أمراً سيئاً كما يظنه العديد من الناس إلّا في حال زيادته عن حدّه، وهو ما يحتاج إلى علاجٍ في تلك الحالة؛ فالخوف هو ما يبقينا على قيد الحياة، فلولا الخوف لقمنا بالقفز من الأسطح بكلّ سهولة، ولمددنا أيدينا إلى أفعىً سامةٍ كي تلدغها، ولمشينا في زحام السير من دون الانتباه إلى السيارات التي من الممكن أن تدهسنا، فنحن نلاحظ أنّ العديد من الناس يصبحون أكثر نشاطاً وتدبّ فيهم تلك القوة الرهيبة عندما يرون أمامهم كلباً مفترساً، فنرى الشخص الذي يعاني من العديد من الأمراض يركض بنشاطٍ وحيوية، ونرى أن لنا القدرة الأكبر على القفز والهرب أو محاربة هذا الحيوان وذلك بسبب شعورنا بالخوف ورد فعل الكر أو الفر.
أسباب الخوففي هذه الأيام ومع أنّنا لم نشعر بالعديد من الأخطار ولا نواجهها كما واجهها أسلافنا من قبل، إلّا أنّنا نشعر بنفس شعور الخوف، فنحن نشعر بالخوف عندما نمتلك محفظةً مليئة بالنقود فلا نمرّ بالشوارع المظلمة وذلك لمعرفتنا أنّ هذه المحفظة هي وسيلة نجاتنا في هذا العصر، كما أنّنا نشعر بالخوف من الأفاعي لأننا نعرف أن سمّها قاتل، ونشعر بالخوف من البرق لمعرفتنا في الوقت الحالي أخطار الكهرباء، ونشعر بالخوف من ركوب الطائرات لمشاهدتنا لصور تحطم الطائرات المريعة والبرامج الوثائقية المختلفة المتعلقة بها والأفلام أيضاً أكثر من خوفنا من الركوب بالسيارات، والتي تعدّ نسبة الوفيات فيها أكثر من الطائرات، ولهذا نرى الأطفال الرضّع في العادة لا يشعرون بالخوف من أي شيءٍ، فلا يشعرون بالخوف من النار إلّا بعد ملامستهم لها للمرة الأولى، وقد يقتربون ويداعبون أفعى سامة من دون أدنى شعورٍ بالخوف.
المقالات المتعلقة بما هي أسباب الخوف