ما هو غذاء الفراشة

ما هو غذاء الفراشة

الفراشات... تلك الكائنات الرشيقة التي طالما ادهشتنا بجمال اجنحتها ورهافة حركاتها، والتي ارتبطت دائماً في مخيلتنا بالزهور وبالبرّية، لترسم لنا الصورة الأجمل مما خلقه الله، يا ترى على ماذا تتغذى ؟ وهل صحيح ان الفراشة لا تأكل؟

في الحقيقة إذا ما أخذنا الجانب الحرفي للكلمة فإن الفرا شة لا تأكل لأنها ببساطة لا تمتلك تركيبا ًفمويا ًمتطوراً أو عضوا ًللمضغ مثلاً - كما هو الحال في الكائنات الاكثر تطورا ً-ولكنها تستطيع امتصاص غذائها المذاب بالماء عن طريق التركيب الفموي البسيط الذي يتكون من أنبوب طويل ودقيق تدخله في كأس الزهرة لتمتص الرحيق، والذي يمكن أن نراه ملتفاً َ بشكل لولبي تحت الرأس عندما لا تستخدمه الفراشة للشرب، وفي بعض الأنواع من الممكن أن يصل طول الانبوب الى طول جسم الفراشة مما يساعدها في الوصول الى الرحيق الغائر في اعماق كؤوس الأزهار بسهولة.

تتغذى الفراشات على المواد الغذائية المذابة بالماء وليس فقط على رحيق الأزهار كما هو متعارف عليه، بل على عصارة النباتات والأشجار المختلفة، الفواكة المتعفنة، روث الحيوانات، وحتى المحاليل الطينية التي تحتوي على الكثير من العناصر المهمة لنموها، وأكثر العناصر جذباً للفراش هو عنصر الصوديوم الموجود في الملح والذي يعدّ مصدراً مهماً لها اثناء عملية التكاثر وإنتاج البيوض، كذلك يعتبر الجلوكوز، الايثانول وحمض الاستيك من المكونات الاساسية في تغذية ونمو الفراش.

في ثقافتنا نقول: العين هي من يأكل ولعالَم الفراش كذلك معايير مشابهه فرائحة الزهرة العطرة والفوّاحة، لونها الصارخ، حجم بتلاتها ومتوكها، ملمس سطح البتلات وقوامه، درجة الحرارة المعتدلة، البيئة الآمنة من الأعداء كلها عوامل تؤثر في جذب الفراشة للوجبة الغذائية الشهية القادمة، فهي مثلا تستطيع تحديد مذاق الزهرة ونكهة رحيقها بمجرد الهبوط الاستكشافي على سطح الزهرة وذلك بفضل المجسات التي تحتويها أرجل الفراشة الست.

أما عن غذاء الفراشة في أطوار حياتها المختلفة فيمكن القول أنه وبعد خروج اليرقات من البيضة التي وضعتها الأم على السطح السفلي للورقة، فإن هذه اليرقة تبدأ بأكل الأوراق الخضراء أو أجزاء النباتات المتوفرة بشراهة ونهم شديدين حتى تستطيع تخزين الغذاء والنمو بأسرع وقت ممكن، شراهة تصل في بعض الأصناف الى زيادة وزن تقدر ب 9000 مرة خلال شهر !!، ومن المعروف أن اليرقات لا تستطيع شرب الماء بسبب تركيبة فمها في هذا الطور وإنما تكتفي بالماء الموجود في العصارة التي تحصل عليها من إوراق الشجر وإجزاء النبات، وعندما تتطور الفراشة الى طور الخادرة فإنها تمتنع عن الأكل والحركة بانتظار خروجها من شرنقتها فيما بعد فراشة كاملة انتقائية جدا ًفي تغذيتها.

تتأثر الفراشة كثيراً باللون وتعتبر من أكثر كائنات الحياة البرية حساسية للضوء واللون، إذ إنها تستطيع رؤية الألوان بالاشعة فوق البنفسجية لا كما نراها نحن بالعين المجردة فقط! وبفضل المستقبلات الضوئية الخضراء تحاول الفراشات البالغة تجنب اللون الأخضر عند تغذيتها، ولكنها تنجذب اليه اثناء عملية وضع البيض، حتى تستطيع توفير مصدر غذاء جيد للجيل القادم.

العلاقة بين الأزهار والفراشات علاقة تعاون فالأزهار ايضا ً تستفيد من جولات الفراشات عليها في عملية التلقيح لذلك ولعمل حديقة فراشات في حديقة المنزل ما عليك إلّا انتقاء الأزهار والنباتات العطرية التي تروق لذات الأجنحة الملونة،، فمثلاً يمكنك اختيار نبات الريحان والمرمية والزعتر البري والحصلبان من مجموعة النباتات العطرية، كذلك اختيار طيف من الزنابق والأبصال الشتوية والصيفية، زهرة دوار الشمس، فم السمكة، الاقحوان، والتركيز على تتابع مواسم الإزهار لكل نوع لضمان توفير الغذاء المستمر طوال العام، ومن المفضل كذلك زراعة هذه الأزهار في مجموعات حسب النوع حتى يزيد تركيز رائحة عبيرها جذباً للفراشة عندما تكون مجتمعة، كذلك يجب تهيئة بيئة هادئة وآمنة للفراش الخجول الذي لن يمكث في بيئة الضوضاء المزعجة وللعلم فإن انثى الفراشة تفضل البيئة الآمنة لوضع البيوض فيها، والأهم من هذا كله معرفة نوع الفراش المستوطن في منطقتك الجغرافية حتى يستطيع العيش والتأقلم فيها.

المقالات المتعلقة بما هو غذاء الفراشة