تنتمي العقارب إلى فصيلة كبيرة ومتنوّعة، حيث تشمل فصيلة العقربيّات ما يُقارب 1,500 نوع، وتمتاز هذه الكائنات بأنّها حيوانات مِفصليّة لها جسم طويل الشّكل، وذيل نحيل مُقوَّس ينتهي بإبرة لاسعة سامّة قادرة على حمايتها من أعدائها، وطَرَفان أماميَّان مُزوّدان بكلابات قويّة تُساعدها على الإمساك بالأشياء والإطباق عليها بقوة. تمتاز هذه الكائنات بميلها للنّشاط بعد حلول الظّلام، وحجمها يُعتبر كبيراً مقارنةً بالكائنات الأخرى التي تنتمي لمجموعة المِفصليّات (مثل الحشرات والعنكبيّات وغيرها).[١]
تشتهر هذه الكائنات في الثّقافة الإنسانيّة بصفتها رمزاً للأذى والشرّ، فهي تُثير الفزع لدى العديد من النّاس، وربما يعود ذلك إلى مظهرها المُخيف بكلاباتها وذيلها اللاسع، وقدرتها على تسديد لدغات سامّة لأعدائها. يخلط بعض النّاس بين العقارب والحشرات، ومع أنّ العقارب تنتمي إلى نفس المجموعة الكبيرة التي تضمّ الحشرات، واسمها المِفصليّة، ولكنّهما من فصائلَ وطوائفَ مُختلفةٍ. يُصنّف العلماء فصيلة العقارب ضمن طائفة العنكبيّات.[٢]
الخصائص الأحيائيّة للعقربيعيش العقرب كثيراً في المناطق التي تمتاز بدرجات الحرارة المُرتفعة، مثل الأقاليم الصحراويّة وشبه الصحراويّة، حيث إنّ مُعظم أنواعه وأكثرها انتشاراً تتواجدُ في مثل هذه البيئات، إلا أنّه يُمكن أن يعيش أيضاً في العديد من الأماكن الأخرى.[١] يُعتبر العقرب حيواناً لاحماً، حيث يتغذّى على غيره من الكائنات. تتراوح فترة حياته من ثلاث سنوات إلى ثماني سنوات. وهي كبيرة الحجم قليلاً، بحيث يتراوحُ طولها من ستّ سنتيمترات إلى واحد وعشرين سنتيمتراً.[٣]
هناك أنواع عديدة وكثيرة، يصل عددها إلى حوالي ألفي نوع وليست جميعها سامّة، ولكن لا يصل عدد العقارب القادرة من خلال سُمّها على قتل الإنسان إلا لحوالي ثلاثين إلى أربعين نوعاً، أمّا باقي الأنواع فيكون سمّها بسيطاً ويمكن علاجه. لدى كلّ عقرب نوع من السمّ خاصّ به يعتمد على طريقته في العيش وبيئته الطبيعيّة، وعادةً ما يكون سُمّه قد تطوّر ليختصَّ بالتّعامل مع أنواع الفرائس التي يحتاج العقرب لاصطيادها في البيئة التي يتواجد بها.[٣]
تُعتبر العقارب من الفصائل القديمة جداً على كوكب الأرض، فقد عاشت عليه منذ مئات ملايين السنين.[٣] يعيش العقرب فترة حياته وحيداً إلّا في مرحلة التّزاوج التي تكون خلال أشهر الرّبيع أو الصّيف الدّافئة. تمتازُ إناث العقارب عن غيرها من الحيوانات غير الثدييّة بأنّها تلد أطفالها أحياءَ عوضاً عن وضع بيوض ورعايتها، وتعيش صغار العقارب مع أمّها حتّى تكبر، وتستمرّ هذه الفترة حتّى بضعة أسابيع، تكون العقارب الصّغيرة خلالها عاجزةً بحيث تعيش بالتشبّث على ظهر أمّها.[١]
غذاء العقربتتغذّى العقارب على مُختلف أنواع الحيوانات اللافقاريّة الصّغيرة، وهي تعتبر مُفترسات انتهازيّة؛ حيث تنتظر فُرصة أن يمرّ بجوارها أي نوع من الحيوانات لها القدرة على افتراسه وتُبادر إلى مهاجمته. يقتات العقرب على الكائنات صغيرة الحجم، مثل العناكب، وعلى أنواع الحشرات المُختلفة، والصّراصير، كما يُمكن أن يتغذّى على العقارب الأخرى من أبناء جنسه خُصوصاً لو كانت أصغر حجماً وأضعف. وفي حالات غير مُعتادة كثيراً يُمكن أن يتغذّى العقرب على الحلازين أو البزّاقات، والحيوانات الزّاحفة كبيرة الحجم، مثل السّحالي والأفاعي، بل ومن المُمكن أن يفترس القوارض مثل الفئران.[١]
إذا واجه العقرب ظروفاً بيئيّة قاسية، مثل حدوث جفاف أو نقصٍ في عدد الطّرائد المُتاحة، فهو يستطيع تقليل مُعدّل الأيض لديه (أي كميّة استهلاكه للطّاقة) بدرجة مُذهلة. يُمكن للعقارب أن تُخفّض الأيض بنسبة الثّلثين لفترات مُعيّنة، وهذا يسمحُ لها بتخفيض استهلاكها من الأكسجين أيضاً، وقد يكون فعّالاً بحيث يتيح للعقرب أنّ يعيش على كميّة من الغذاء لا تتجاوز حشرة واحدة للسّنة بأكملها. ورغم أنّ الاستفادة من هذه الخاصية يتطلّب من العقرب تقليص حركته ونشاطه، ولكنّه يبقى قادراً على استعادتهما بسرعة شديدة إذا رأى فريسةً يمكنه اصطيادها.[٣]
أسلوب العقرب في الصّيدتعيش العقارب في بيئات مُتنوّعة جدّاً؛ فهي تتواجد في جميع قارّات العالم ما عدا أنتاركتيكا، وفي هذه الأماكن تكون هي نفسها عُرضة للافتراس، حيث تضطرّ للاختباء بجحورها أو أوكارها الصّغيرة خلال النّهار تجنبّاً لمُباغتة أعدائها، ولا تخرج للصّيد إلا بعد حلول جُنح الظّلام. تصطاد العقارب بطرق مُختلفة؛ فالعديد من أنواعها تقف بالقرب من جُحرها وتنتظر بصبرٍ شديد، حيث تكون كلاباتها مفتوحةً وذيولها مرفوعةً ومُستعدّةً للانقضاض على أيّ كائن يمرّ بجوارها. ولكن بعض العقارب تخرج للصّيد وترقُب الفريسة، ومنها ما قد يَدفنُ نفسه تحت الرّمال انتظاراً لاقتراب كائنٍ صغير.[٢]
لدى العقرب شُعيرات شديدة الحساسيّة يستطيعُ منها الإحساس بالحركات من حوله، وهي تسمح له بإدراك أيّ حشرة تقتربُ منه أو تُحلّق في الهواء بحيث يستطيع التقاطها بكلاباته، ومن ثم يَسحقها بين مِخلبيه شديدَيّ القوة. وفي الحقيقة، لا يلجأ العقرب لاستعمال ذيله اللاسع إلا في حال استدعت الضّرورة لذلك، حيث إنّ إنتاج السمّ يستهلك الكثير من طاقته. تميل العقارب الأصغر حجماً والأقلّ عُمراً لاستعمال لسعتها السامّة أكثر بدرجة مُعتبرة من العقارب كبيرة الحجم والمُتقدّمة في العمر.[٢]
أنواع العقاربالمقالات المتعلقة بما هو غذاء العقرب