كيف يمكن أن أصبح غنياً

من منّا لا يحلم بأن يحصل على بيت جديد رائع دون تكبّد عناء انتظار تحقيق هذا الحلم عشرين سنة على الأقلّ، ومن منّا لم يحلم يوماً بحياة الاستقرار الماديّ الهانئة والتي تسمح لنا بالسفر أينما نريد والعيش كيفما نريد، دون التفكير كثيراً بأنّ غداً علينا أن نجمع مالاً لدفع أقساط سيارة جديدة، أو تداين مالٍ لسدّ قرضٍ قديم.

الإنسان مجبولٌ على حبّ المال، يقول تعالى في فطرة الإنسان هذه: "وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً"، ويسعى الإنسان خلال حياته إلى جمع المال بما يوفر له لقمة العيش الحلال، وما يقيه من الحاجة عند الكبر، فكثيرٌ من الناس يتساءلون كيف نصبح أغنياء؟ وكيف لنا أن نُحسّن وضعنا الماديّ؟

لو تابعنا خبراء التنمية الذاتيّة والذين يسعون إلى طرح أفكار تساعد الناس في تحقيق أهدافهم لوجدنا أنّ كثيراً منهم تناول فكرة "الغنى وتحصيل الأموال"، حيث إنّ الخبير ماثيو موريس يرى أنّ الغنى في المال ليس حلماً مستحيلاً، وإنّما هدفٌ صعب يصل إليه من يسعى إليه بحقّ وجدّ، ومن يستطيع استغلال مهاراته وقدراته في تحقيق هذا الهدف.

من أهمّ الأفكار التي يطرحها خبراء التنمية لتحقيق هذا الهدف أن يضع الإنسان نصب عينيه أوّلاً هذا الهدف، وأن يبدأ بتحقيقه بمحاولة الحصول على دخل معقول بما يناسبه ويناسب مسؤولياته والأفراد الذين يعيلهم، على أن يترك لنفسه هامشاً للتخطيط المستقبليّ دون أن يثقل الأمر على نفسه كثيراً. الخطوة الثانية في تحقيق هذا الهدف تكون بأن يعيش الإنسان أقلّ ممّا يعيش في العادة وأن يحاول ضغط ميزانيته قدر الإمكان، وأن يذكّر نفسه بأنّ كثيراً من الناس يعيشون بدخل أقلّ بكثير من دخله، فإنّ هذه الخطوة تبدأ بالاقتصاد والادخار قدر الإمكان.

بعد تحقيق الخطوتين الأولى والثانية يمكنك الانتقال للخطوة الأهمّ في تحقيق هذا الهدف، ألا وهي تغيير تفكيرك من "الدخل الماديّ الكافي" إلى "الملكيّة"؛ بمعنى أن تُريح نفسك من عناء التفكير بأنّك بحاجة إلى مال مستقبليّ إلى وجود مبلغ ماديّ جيّد استطعت أن تدخره من اقتصادك، وهذا سيساعدك على منحك راحة ذهنيّة من عدم حاجتك لأحد في المستقبل. لا تضع المبلغ الذي تملكه حاليّاً هباء، استفد منه واشترِ قطعة أرض، أو عقار، أو استثمره في تجارة ناجحة، وهذا سيعطيك مبلغاً إضافيّاً على مرّ السنين دون حاجتك للعمل أو الكدّ للحصول على المال، وهذا هو المعنى الحقيقيّ للغنى.

أمّا أنت كمسلم فإنّه عليك أن تَعرف أنّ لمالك حقّاً للسائل والمحروم، وإن أردت أن تكون غنيّاً فإنّ الغنى لن تحصل عليه ما دمت تحرم من حولك من مالك، فإنّ الصدقات تربي المال وتزيده وتبارك فيه، فيما الشحّ يمحق المال ويذهب به دون أن تشعر أبداً؛ يقول الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم في ذلك: "واتقوا الشح، فإنّ الشح أهلك من كان قبلكم".