كيف يتقرب العبد الى الله

كيف يتقرب العبد الى الله

لقد خلق الله عز وجل الإنسان وكرّمه على سائر المخلوقات فأحسن خلقه وكمّله على أحسن تصوير، ثم جعل الله عز وجل للإنسان الخيار فإمّا أن يتقيه ويسير على الصراط المستقيم وإمّا أن يحيد عن هذا الطريق ويتبع سبيل الشيطان والأهواء، وجعل عز وجل لكل نهاية تناسب خياره فجعل لمن اتقى وآمن به عز وجل ووحده وعبده حق عبادته الجنة يتمتع فيها وبنعيمها في حياة الخلود وجعل لمن كفر به جهنم خالداً فيها.

وأمّا من اتبع الصراط المستقيم وآمن بالله عز وجل وحده لا شريك له فإنّ حبه عز وجل يكون في المرتبة الأولى بلا منازع فهذا كما نعلم جميعاً من أركان الإيمان، وقد وجب على من أحب شخصاً أن يحب التودد له والتقرب له فمن أحب شخصاً عمل المستحيل من أجلّه من دون تردد أو تهاون أو تفكير فمن الممكن أن يصل به الحد إلى التضحية بنفسه من أجل محبوبه وهذا كلّه من أجل شخص واحد فقط فكيف برب الكون وخالق الإنسان الذي يكون حبّه أعلى من حب كل إنسان.

فأمّا من أحب الله عز وجل وأراد التقرب إليه فعليه أن يبدأ بالطاعة من دون عصيان، فيلتزم بما أمر من صلاة وزكاة وصيام وفرائض أخرى شرعها ويبتعد عمّا نهى عنه من كبائر وشهواتٍ محرمات، ولما كان من منزلة لسيد الخلق محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام عند ذي العرش والجلال فإنّ حبه واتباع سنته وتعاليمه هو الوسيلة الأفضل للتودد إليه فهو حبيب الرحمن فكما قال عز وجل في كتابه الحكيم:" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم".

أمّا الإحسان لخلق الله وحب مخلوقاتهم هو الوسيلة الثانية للتقرب إلى رب الأكوان وخاصة الأتقياء الأنقياء من خلقه، فالتزاور والتناصح بين الناس وحب الخير للآخرين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحب المؤمنين والرحمة على مخلوقات الله الأخرى يعد من المفاتيح للفوز بحبه سبحانه، أمّا المفاتيح الأخرى فهي العزة على الكافرين وعدم التهاون في قتال أعداء الله وأعداء المؤمنين بكل قوة وسلاح ممكن فمن أحب شخص بذل الغالي والنفيس من أجله فكيف بحب الله عز وجل فنحن نسمع قصص العشاق الذين ضحوا بأنفسهم من أجل معشوقيهم فكيف بالذي له المثل الأعلى فهؤلاء الأنبياء والصحابة والتابعون والصالحون من الأمم والذين خلد الله عز وجل ذكرهم في التاريخ لأنهم أحبوا الله عز وجل حباً صادقاً وبذلوا أرواحهم وأنفسهم وأموالهم وأولادهم في سبيل الغاية الأعلى وهي نيل رضى الله عز وجل.

وأمّا في الختام فلا أجمل من الختام بالحديث القدسي عن محبة الله والتقرب إليه وعن أولياء الله الصالحين فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ".

المقالات المتعلقة بكيف يتقرب العبد الى الله