نظرية الانفجار العظيم لا زالت نشأة الكون غامضة على العلماء، وهي لا تزال محل أخذٍ وردٍّ، وجدلٍ بين مختلف الأوساط العلمية، ولعلَّ نظرية الانفجار العظيم Big Bang Theory هي واحدة من أشيع النظريات العلمية التي حاولت إيجاد تفسير نشأة الكون.
تنبثق نظرية الانفجار العظيم عن علم الفيزياء الكونية ، وقد مرت نشأة هذه النظرية في الفكر الإنساني العلمي بعدة مراحل، إلا أن العالم ألكسندر فريدمان هو الذي يعزى إليه وضع النواة لهذه النظرية، والتي تمددت وانفجرت فيما بعد على يد العلماء الآخرين لتصبح نظرية الانفجار العظيم، وافترضت نظرية الانفجار العظيم مرور الكون بالعديد من المراحل إلى أن وصل إلى شكله النهائي، وفيما يلي توضيح موجز لأبرز ما جاء في هذه النظرية.
المراحل المفترضة من النظرية - افترضت النظرية نشوء الكون قبل حوالي ثلاثة عشر مليار وثمانمائة مليون عام تقريباً، وقد كانت درجة الحرارة في البداية مرتفعة بشكل كبير جداً، كما كانت الكثافة مرتفعة أيضاً، وقد حالت هذه الظروف دون انطباق القوانين الفيزيائية، حيث يعزى ذلك إلى وحدة القوة الأربعة: القوة الكهرومغناطيسية، والجاذبية، والنووية الكبرى، والصغرى.
- انخفضت الحرارة بعد ذلك بثوانٍ معدودة، وقد انخفضت الحرارة بسبب تضاؤل كثافة الطاقة نفسها، مما سمح لقوة الجاذبية بالانفصال عن باقي القوى، وقد أتاحت لحظة الانفصال هذه من إيجاد تفسيرات فيزيائة لكافة المراحل المتعاقبة، اعتماداً على النسبيتين العامة والخاصة فيما يتعلق بالجاذبية، وعلى مبادئ الفيزياء الكمية لمختلف القوى الأخرى، وقد كانت مكونات الكون في هذه الفترة عبارة عن جسيمات ومضادات تنشأ وتتلاشى مباشرة.
- مع استمرار انخفاض درجات الحرارة، استطاعت القوة النووية الكبرى الانفصال، مما أدى إلى وجود تدفق كبير جداً من الطاقة، مما ساعد على البدء في مرحلة التضخم والتمدد السريع للكون، كما ساعد مقدار الطاقة المرتفع الجسيمات المضادة على أن تستحيل إلى الأشكال المعروفة اليوم من المادة؛ كالإلكترون، والكوارك، والنوترينو، وغيرها، وبالتالي صارت المضادات غير قابلة للاندثار.
- بعد فترة تقدر بجزء من مليون جزء من الثانية استطاعت الكواركات الاتحاد مع بعضها البعض لتكوّن كلاً من البروتونات والنيترونات، ويبدأ بعد ذلك خلق نوى العناصر المختلفة؛ كالليثيوم، والهيليوم، إلا أن الذرة الأولى لم تتكون إلا بعد ما يقترب من ثلاثمائة وثمانين ألف عام، أي عندما انخفضت الحرارة إلى ما يقترب من حوالي ثلاثة آلاف كلفن تقريباً، وعندما تضاءلت الطاقة التي كانت تحملها الفوتونات، والتي كانت تمنع الإلكترونات من الثبات حول الأنوية الذرية.
- كان الكون في البداية ممتلئاً بالسحب الهيدروجينية، وسحب الهيليوم، وقد حدثت اضطرابات لهذه السحب بفعل قوة الجاذبية ساعدت على تفتيتها إلى شظايا صغيرة، حيث انهارت هذه الشظايا حول بعضها مما أدى إلى تكوين الأجسام الكبيرة، فكانت أولى النجوم بعد حوالي مئة مليون عام.