كيف تكون واقعياً

كيف تكون واقعياً

كيف تكون شخصاً واقعياً

يتساءل البعض عن الواقعية كسمة من سمات الشخصية، ويدور النقاش تلوَ النقاش لنقول : أن الواقعية هي حب الشخص لنفسهِ باعتدال، وهي تلك التي تجعل الشخص يعتز بذاتهِ ولا يتمنى أن يكون كغيرهِ؛ فهو مكتفي بحبِ نفسهِ التي خلقها الله لهُ.

مظاهر الواقعية

الشخص الواقعي يتسم بعدة مميزات، ويعرف بمظاهر كثيرة منها :

  • يطمح لما يتلاءم مع ذاتهِ وما يتناسب مع مكنوناتهِ الداخلية.
  • يتعامل مع الآخرين بما يرتضيه الواقع وما يتقبلهُ العقل السليم المبصر.
  • قليل المجاملة لمن حولهِ ويكتفي بالكلمة الصادقة.

الواقعية والطموح

نجد الشخص الواقعي لا تخلو مخيلتهِ من واحة الطموحات والأهداف السامية؛ لكنهُ يمنح تلك الأهداف والطموحات محلها من الواقعية، ويعطيها المساحة الكافية للانسجام مع الظروف المحيطة؛ إذ أنهُ لا يطمح للمستحيل، ويدرك أهمية الوسط المحيط في تحقيقِ أهدافهِ، ويتميز الطموح الواقعي بإمكانية الوصول لما دار في مخيلتهِ ولما رسمتهُ مفكرتهِ ؛ لذا أمر الوصول لمبتغاه ليس بالصعب مادام نسجُها واقعياً.

الواقعية ومعاملة الناس

نلحظ أن الشخص الواقعي في تعاملهِ مع الناس يستخدم الأسلوب الواضح، لا يُساوم على حساب قناعاتهِ الداخلية، صادق الأثر، صريح الكلمة، ثابت المبدأ، غالباً ما تأتي كلماتهِ نقشاً لما يجري في الحياة العملية وما يؤمن بهِ الجميع.

الواقعية تخفض من معدل المجاملات

نعم وبقوة يتمتع الشخص الواقعي بقلة مجاملاتهِ لمن حولهِ وليس ذلك تكبراً عليهم ؛ إنما يحاورهم ويثني عليهم بما يصدر عنهم، لا يتكلف في الحديثِ مع الآخرين، لا يهمهُ رضا الناس كثيراً ؛ إنما يسعى لإرضاء ضميرهِ ويكتفي بوصف واقع الشخص وسلوكهِ المباشر ولا يهتم للمجهول.

لكي تكونَ واقعياً

لمن تتوق نفسهِ لأن يكون واقعياً عليهِ أن يتبع الآتي :

  • ثبات المبدأ الذي تكون تبعاً لشخصية الإنسان ورؤيته للأمور.
  • الإبداع فيما يلبي حاجة الواقع؛ لكي تكون نتيجة الإمكان إيجابية ومطمئنة وعدم الالتفاف حول الأفكار الخيالية المتعبة التي لا تحقق نجاحاً وإن كان لها وجود فإن رصيدها قليل ولا يذكر.
  • معاملة الناس باختلاف طوائفهم معاملة طيبة وبناء العلاقة على أساس الصدق والكلمة الواضحة التي ترسم لمن حولها ضرورة تقبل الانتقادات بصدرٍ رحب .
  • أن تكون الصراحة هي البوابة الأولى في شخصيتك لا المجاملة وإن كان للمجاملة الأثر الإيجابي في إسعاد الغير إلا أنها لا تروق للبعض كونها تترك زيفاً ورائها، كما وتعطي الصراحة انطباعاً يبعث الراحة في المعاملة مع الآخرين؛ ولكن تعترضنا مشكلة كون الكثير من الناس لا تعجبهم الصراحة كيف وهي التي تكشف مساوئهم ؟ وهي التي تضعُ على الليمونِ ملحاً؛ ولكن لابأس راحة الضمير تكمن في واقعية الشخص حال اتسامهِ بالصراحة وهذا يكفي ولا داعي للالتفاف حول اعتراضات الآخرين مادام الفعل في إطار السليم، ويفضّل أن تكون الصراحة غير جارحة يا حبذا لو كانت بأسلوب هيّن على قلوب الآخرين .
  • أن يحلم بما يدور في دائرة الواقع ليرضي من حولهُ وألا يبتدع الخيال المزيف والأسطورة الضاحكة لكي يصعد؛ لأن الصعود وقتها صعب ومحال.

الواقعي المتفائِل

هوَ شخص طيب الظن، يمتاز بميزة الأمل ثم الأمل، يمنحُ نفسه الواقعية في تحقيق الهدف المطلوب بدونِ يأس؛ ليحظى من حولهِ بالنفع المترتب على ما حققهُ، كفى وأن تفاؤلهُ لم يكن بالأمر المبالغ فيه إنما هو ذلك التفاؤل الذي سار على بساط الواقع.

الواقعي المتشائم

هو ذلك الذي يرصد ما حولهِ من الآثارِ والاحتمالات الذي تواجههُ؛ ليخرج لنا بالنتيجة السلبية تبعاً لتوقعاتهِ القلقة، التي لا تحلل الأمور بالشكل السليم، وتصل هذه الأفكار لداخله نتيجة تجارب سابقة غير منطقية ولا تتسق مع الحدث؛ إذ أن هذه الأفكار التي تخرج عنهُ غالباً ما تكون متطرفة لا تقبل النقاش وتقع هي وصاحبها في فخ اللامنطقي وسلبية الاهتمام.

أحلام الواقعي

وضحنا سابقاً أن الأحلام لدى الشخص الواقعي يجب أن تبتعد عن الخيال؛ لتحجز وجودها في الوقت المناسب مادامت منسجمة مع الواقع؛ لذا للواقعي كغيرهِ من البشر أحلام عليهِ أن يمسك بها لكي لا تحلق بعيداً عن الأرض والغالب في الأمر أن الشخص الواقعي يرتبط بحلمهِ الاستناد إلى الأرض لا التحليق في الخيال الغامض الذي لا يحقُ لهُ إلا الوصف بتلك الأحلام المهدورة .

هل الواقعي ذو قلب غليظ

هو استفسار علينا الإجابة عليه كسؤال عابر؛ لا يمكن لسؤال كهذا أن يقدحَ في مصداقية الإنسان الواقعي التي يصفها البعض بالقلب الغليظ البعيد عن الرحمة؛ إن الواقعية لا تفقد القلب من ميزاتهِ شيء إنما هي ثوب لامع لشخصية الإنسان إذ انه صاحبها يترك العواطف ويرتضي برأي العقل وهذا ما يدور حول واقعيتهِ، لا تغير الواقعية كلماتهُ الواضحة لأمر سلبي إنما هناك من يرى الكلمة الصادقة سهم.

هل الواقعي يخشى التطور

إن كان الواقعي ينسجم مع واقعهِ لا يعني ذلك وجود الخشية في نفسهِ مما تحملهُ الأيام؛ إنما هو مستعد وبقوة لأن يهيأَ نفسهِ للواقع الجديد ولا يخشى التطور .

مميزات الشخص الواقعي

يتسم الشخص الواقعي بمميزات منها:

  • يجلب الراحة لمن كان لهم النصيب في التعامل معه، فهو بتعامل مع الحياة بشكل منطقي، يتصرف بحكمة.
  • لا يُقحم من حولهِ بالمشكلات التي لا حصر لها إنما هو العنصر المريح لهم.
  • تصرفاتهُ عقلانية نادراً ما يجعلُ للعواطفِ محلاً في اتخاد القرارات.

كيفية التخلص من المشاعر الجافة لدى الشخص الواقعي

هناك من يقول أن العلاقة التي تربطهم بالشخص الواقعي موقوفة على تصرفات يؤيدها العقل، لا دخل للعواطف بشيء؛ إذاً ماذا عن الأشخاص الذين يعيشون تحت سقفٍ واحد مع ذلك الشخص الواقعي؟ لابد من اتباع الآتي:

  • احترام واقعيتهُ، إدراكها جيداً، تقديرها والاقتناع بها.
  • التحاور معه بالحوار البنّاء؛ لأن الشخص الواقعي يتميز بقدرتهِ الكافية على الحوار بعقلانية متفتحة ويتقبل ما يجري حوله.
  • عدم استخدام أساليب ضاغطة لأن ذلك يزيد الأمر سوءاً ولا يضع حلاً.
  • مشاركتهُ في التفكير لأن ذلك مؤشر إيجابي لتشابك الأفكار وانسجامها والوصول لحل.
  • معرفة الأمور التي يفضلها والأخرى التي ينبذها لكي يتحقق الانسجام ونأتي بالحل.
  • العلم بالصفات المشتركة بين الطرفين ليكون ذلك بمثابة المفتاح نحو بوابة الحل.
  • عدم فرض نفسك عليه واحترام خصوصياتُه لأن ذلك يقربُه منك ويرفع من منسوب احترامه لك.
  • التقليل من انتقاد واقعيته بشكل مستمر .

الواقعي والحب

ذلك الذي يسكن في حنايا الحب هو الواقعي الفاعل، حينها يمتلئ بالإحساس الغامر بالحُب، والعطف والحنو، ليستريحَ عن نشاطهِ الملحوظ في اتخاذ القرارات وتدبر الأحداث؛ نعم حان الوقت ليأتي بعاطفتهِ التواقة للحب، وآن الأوان ليعطي لعقلهِ الراحة المطلوبة نتيجة الجهد المبذول؛ لأن ذلك يجدد لهُ نشاطُه، ليتعامل مع المجتمع من جديد ويسكب الحب المدفون داخلُه لمن بنظرهِ المستحق.

ختاماً: كان السؤال كيف تكون شخصاً واقعياً؟ وما كانت الإجابة سوى الرؤيا الصائبة من الواقع عن مفهوم الواقعية، مميزاتها، علاقة الواقعية بمناحي عدة كالحب والتفاؤل؛ لذا ليس الأمر بالصعب المستحيل إنما المتتبع لهذه الأفكار سيجد الراحة في تكوين ذاتهِ.

 

المقالات المتعلقة بكيف تكون واقعياً