إنّ التعليم أهم طرق نشر الفكر وصناعة الأجيال ؛ فالحضارة والبناء الإسلامي يقوم على التعليم ويعتمد عليه، لذلك أوّل كلمة كانت في الإسلام " اقرأ " فهي المنهج السليم الذي نشأ عليه المسلمون، ومنه انطلقوا في الأرض ليحققوا مبدأ الإستخلاف ونشر المنهج الربّاني الذي يولي اهتماماً للعلم أيّما اهتمام ، ويمنحه أسمى مكانة لذا قال تعالى :" قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ". وكذلك كانت السنة النبوية الطاهرة تحث على التعلم وتكرم أهل العلم وتجعل طلبه فريضة؛ فقد قال -عليه الصلاة والسلام- : " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم " وغيرها الكثير من الأحاديث الشريفة التي تغرس بالمسلم أن الجهل لا يليق به، ولا يوصله –أبداً- إلى خالقه ، لذا إن الدين والعلم قرينان كلاهما يدعم الآخر ويرتبط به .
إنّ العملية التعليميّة بأركانها عملية متكاملة، ومعتمدة على بعضها البعض يؤثر فيها كل جزء على الآخر حيث المعلم والمتعلم والمنهج التعليمي ؛ إذ إن المنهج ليس الكتاب او المقرر المدرسي وحده بل هو المخرجات المطلوبة القابلة للقياس؛ فالكتاب جزء من المنهج وليس كله حيث ينبغي تدعيمه بالأنشطة والتجارب والأفلام والوسائل التعليمية المختلفة، ويمكن الاستعانة بالفن الهادف والمسرح والتمثيل وغيره لترسيخ المعلومات وإثرائها وزرع حبها في نفس المتلقي، ولتطوير العملية التعليمية لابد من تطوير المنهج التعليمي وتكامله وترابطه وادراك فلسفة التعليم حيث التعليم الفعّال يكون بشكل ربط تسلسلي دائري؛ إذ يتم تكرار المحتوى الأساسي والتوسّع في الفكرة ومن ثم العودة للنقطة الأصلية وهكذا، بناء وعودة للأصل لربط المعلومات معاً بشكل دائري .
إنّ النهضة لا تتحقق إلا بالتعليم السليم، فضعف المنهج يؤدي الى ضعف التعليم، لكن المعلم هو أهم ما في العملية التعليمية؛ إذ لا يكفي المنهج القوي السليم لنجاح العملية التعليمية حتى وإن كان الكتاب المقرر ضعيفاً يستطيع المعلم المبدع تطوير التعليم وإظهار كفاءته، لكن العكس لا يفيد البتة . إن مخرجات التعليم الضعيفة بسبب المدخلات الضعيفة الهشة؛ فالنتائج هي الحكم الاول على المدخلات لذا وجب تولية التعليم اهتماماً كبيراً، والمعلم هو المقصود بشكل رئيس في تطوير التعليم حيث خلق المعلم المبدع هو سر نمو وازدهار العملية التربوية .
فالإبداع يمكن تعريفه أنّه عملية الإتيان بجديد والابتعاد عن التقليد والتبعية ، ويمكن أخذ الفكرة وتطويرها والإضافة عليها ويسمى هذا –أيضاً- ابداع . حين ترى ما لا يراه الاخرون تكون مبدعاً ، وحين ترى المالوف بطريقة غير مالوفة تكون مبدعاً. الابداع هو الابتكار، فإذا ما ربطناه بالتعليم والذي يعرف أنّه إعطاء معلومات يصبح منظومة متكاملة لاسيما إذا تم تنمية المهارات وتغيير القيم والأفكار غير السليمة .
إنّ المعلم المبدع يستمد إبداعه من الخيال؛ فالخيال - كما قال ( اينشتاين )- : "أهم من المعرفة ". حيث الخيال هو الطريق المؤدي للمعرفة والاكتشاف ؛ فاختراعات اليوم هي خيالات الماضي، ومن ثم يحول المعلم المبدع الخيال إلى فكرة ومن ثم تنفيدها في أرض الواقع؛ إذ لا يكفي أن تبقى الفكرة معلقة في الخاطر والخيال . والمعلم المبدع يأخذ الطالب إلى التفكير الابداعي بدل التفكير المنطقي البحت، ويسعى لإنشاء جيل مبدع بعيد عن التبعية والتقليد والمألوف، وهذا ما نحن بحاجة إليه في يومنا هذا .
المقالات المتعلقة بكيف تكون معلم مبدع