كيف تعرف صديقك الحقيقي

تعتبر الصداقة الحقيقية في وقتنا الحاضر كنزٌ؛ حيث يجب على كلّ إنسان المحافظة عليها في حال امتلاكها، لأنها باتت ظاهرةً نادرة إذ أصبحت أغلب العلاقات بين الأشخاص تندرج تحت فئة المصالح في زمننا المعاصر.

حال العالم أجمع، وما يمر به ويشهده من حروب وأحداث وظروف قاسية تركت عند الإنسان انطباعات وآثار جعلته يتخذ من منهج حياته منحىً آخر، ليكون إنساناً يعيش ويتعايش من أجل ذاته أولاً ومصالحه ثانياً، دون التفكير بالآخر سواءً أكان صديقاً أم قريباً، إلّا أن مواقف الحياة في مختلف أشكالها أكبر دليل وبرهان لتثبت مدى صدق علاقة أي انسان بآخر بدءاً بعلاقة الصديق بصديقه، مروراً بعلاقة الأقارب فيما بينهم، وصولاً لعلاقة الزملاء ضمن نطاق العمل.

عند وقوفنا لقول المثل الشعبي"الصديق وقت الضيق" تتبادر لعقولنا مدى أهميّة الصداقة، ويأتي هنا تعريف الصديق الحقيقي فهو الشخص الذي يقف إلى جانب صديقه في جميع الأوقات؛ بل يمكن تقديم وقوفه في أوقات الترح والحزن قبل أوقات الفرح والسرور، ويحمل هذا الصديق الوفي في علاقته مع صديقه أسمى عبارات الحب والإخلاص؛ لأنّ علاقته تخلو من المصالح، والرياء والنفاق، فكلّ شخص يتعرض في وقتنا الراهن للعديد من المواقف التي يكون فيها بأمس الحاجة للصديق الحقيقي، وهذه المواقف التي يمرّ بها الإنسان تمكّنه من معرفة صديقه الحقيقي من عدمه؛ فالمرء طوال فترة حياته تمرّ عليه الكثير من اللحظات التي تجعله يستنجد بأصدقائه معنويّاً وماديا.

الصداقة بين الأشخاص قديماً -أي قبل أعوام سابقة- كان لها منحى آخر مختلفاً ومناقضاً تماماً عن منحى الصداقة حالياً؛ حيث كانت تجمع الأصدقاء سابقاً علاقة نقية ووفية بعيدةً كل البعد عن الكذب والخداع، بل كانت تلك العلاقات المكوّنة قائمةً على الود والاحترام للمعنى الحقيقي للصداقة، كما أننا قد نفسّر الشرخ الذي أصاب علاقة الأصدقاء وتغيّر الناس حالياً للأحداث التي يشهدها العالم العربي ونتائجها التي طغت وتركت بصمةً عندهم في التحوّل بتعاملهم بين بعضهم البعض تارة، وبين تعاملهم فيما بينهم لتحقيق أهدافهم ومصالحهم تارةً أخرى.

وانطلاقاً لصعوبة مجريات الحياة التي يعيشها الفرد ضمن بيئته ووطنه يجب على كل إنسان يوجد في حياته شخص يحمل صفات "الصديق الحقيقي" أن يحافظ عليه، لأنه أصبح عملةً فريدة من نوعها في أيامنا الحالية لوجود الكثير من المعوقات والظروف التي تحول دون استمرار علاقة الأصدقاء ببعضهم البعض.