تعتبر صلاة التّراويح نوعاً من أنواع قيام الليل، إلا أنّها خاصّة في شهر رمضان تُقام بعد صلاة العشاء، وهي سنّة عن الرّسول عليه السّلام[١] لما ورد عن الرّسول عليه السّلام في الحديث الشريف: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرغِّبُ في قيامِ رمضانَ من غيرِ أن يأمرَهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه. فتُوُفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمرُ على ذلك. ثم كان الأمرُ على ذلك في خلافةِ أبي بكرٍ، وصدرًا من خلافةِ عمرَ على ذلك).[٢]
من الجدير بالذّكر أن الرّسول عليه السّلام لم يُصلّي صلاة التراويح بالمسلمين جماعةً؛ خوفاً من أن تُفرض عليهم هذه الصّلاة فيشقّ عليهم القيام بها، وهو الأمر الوارد في الحديش الشّريف عن الرّسول عليه السّلام: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ صلَّى في المسجدِ فصلَّى بصلاتِهِ ناسٌ ثمَّ صلَّى منَ القابلةِ فَكثُرَ النَّاسُ ثمَّ اجتمَعوا منَ اللَّيلةِ الثَّالثةِ فلم يخرُج إليْهم رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فلمَّا أصبحَ قالَ قد رأيتُ الَّذي صنعتُم فلم يمنعني منَ الخروجِ إليْكم إلَّا أنِّي خشيتُ أن تُفرَضَ عليْكم وذلِكَ في رمضانَ)،[٣] وفي خلافة عمر بن الخطّاب أمر أُبيّ بن كعب أن يُصّلي بالمسلمين جماعة،[٤] وما زال المسلمين في كافة بقاع الأرض يحرصون على أدائها في شهر رمضان جماعةً في المساجد.
كيف تصلّي صلاة التراويحتُقام صلاة التراويح بحيث تكون كل ركعتين منفصلتان على حِدة، وهو أمر اتّفق عليه آراء العلماء من المذاهب الأربعة، إضافة إلى رأي الإمام ابن باز، وابن عثيمين،[٥] واستندوا بذلك على حديث الرّسول عليه السّلام: (صلاةُ الليلِ مَثْنى مَثْنى، فإذا رأيتَ أنَّ الصبحَ يُدركُك فأَوتِرْ بواحدةٍ . فقيل لابنِ عمرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قال: أن تُسلِّمَ في كلِّ ركعتَينِ).[٦]
وقت صلاة التروايحيمتدّ وقت صلاة التراويح ما بعد صلاة العشاء وحتى قُبيل وقت الفجر بقليل، ويمكن لمن يقوم ليل رمضان بأداء الوتر في أول الليل أو في آخره، إلا أنّه من الأفضل أن يختم صلاته بالوتر، وهو لما ورد في الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (اجعلوا آخرَ صلاتِكم بالليلِ وِترًا)،[٧] فإن صلّى الوتر في أول الليل ثمّ أدّى قيام الليل في آخره فلا يوتر مرّة أخرى، وهو أمر ورد عن الرّسول عليه السّلام في الحديث الشريف: (لا وِتْرانِ في ليلةٍ).[٨]
تجوز صلاة التراويح للنساء جماعة في المساجد، ولا حرج في ذلك، وهو لما ورد عن الرّسول عليه السّلام في الحديث الشّريف: (لا تَمْنَعُوا إِماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ)،[٩] ويُشترط في هذه الإباحة السّترة، والابتعاد عن الفتنة، كالعطور، والزينة، والخضوع في القول والمشي، كما ورد في الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (أيُّما امرأةٍ أصابت بُخورًا، فلا تشهدْ معنا العِشاءَ الآخرةَ).[١٠]
عدد ركعات صلاة التراويحلم يثبت رقماً مُحدّداً في عدد ركعات صلاة التراويح عن الرّسول عليه السّلام، إلّا أنّ ما ورد في الحديث الشريف برواية عائشة أم المؤمنين أنّه صلّاها في إحدى عشرة ركعة، فقالت: (ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِه على إحدى عشرةَ ركعةً؛ يُصلّي أربعًا فلا تسألْ عن حُسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي أربعًا فلا تسألْ عن حُسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلِّي ثلاثًا).[١١] إلا أنّ هذا الأمر لا يُحدّد عدد الركعات بهذا الرقم، فتجوز الزّيادة والنقصان، والإطالة في الركعة أو قصرها حسب ما يرغب المسلم.[١٢]
ممّا ثبت عن بعض السّلف عدم التزامهم بهذا العدد من الرّكعات في صلاة التراويح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (له أن يُصلّي عشرين ركعة، كما هو مشهور من مذهب أحمد والشافعي، وله أن يُصلّي ستّاً وثلاثين، كما هو مذهب مالك، وله أن يُصلّي إحدى عشرة ركعة، وثلاث عشرة ركعة...والصواب أن ذلك جميعه حسن كما قد نصّ على ذلك الإمام أحمد رضى الله عنه، وأنه لا يتوقت في قيام رمضان عدد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها عدداً، وحينئذ فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره).[١٢]
فضل صلاة التراويحلصلاة التراويح فضل كبير على المسلم، ومن هذه الفضائل التي تعود عليه ما يأتي:[١٣]
المقالات المتعلقة بكيف تصلى صلاة التراويح