قرّرت اتِّفاقية حقوق الطِّفل التي أُصدرت عام 1989م تعريفاً للطِّفل، وجاء في المادة (1) منها: (لأغراض هذه الاتفاقيّة، يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المُنطبق عليه).[١]
وقدْ وَقّعت على هذه الاتفاقيّة 193 دولةً حول العالم،[٢] ممّا يُثبت هذه الاتفاقيّة ويجعلها بمثابة القاعدة الدوليّة لاشتمالها على حقوق الطفل جميعها.[٣]
ويُفهم من نصِّ المادة (1) من هذه الاتفاقيّة أنّ الأطفال يُمكن تصنيفهم لقسمين، كالآتي:[٣]
يُمكن تعريف حقوق الطِّفل بأنّها حزمةٌ من الحقوق الفرديّة التي تختصُّ بالطِّفل وتُراعي عمره، فتُركّز على صفات من يحملها بصفتهِ إنساناً وطفلاً يحتاجُ للرعاية والعناية.[٤]
تنبَّه العالمُ لضرورة وجود اتِفاقيّة خاصّة بالأطفال حول العالم تضمن لهم حقوقهم ليعترف بها العالم كُلّه؛ وذلك لأنّ الأفرادَ الذين لم يتجازوا عمر الثامنة عشر بحاجةٍ لاهتمام خاصّ وحمايةٍ كبيرة، بعكس الأشخاص الكبار.[٢]
في عام 1989 أُصدرت اتِفاقيّة حقوق الطِّفل؛ إذ تُعتبر الميثاق القانونيّ الأولّ الذي يجعلُ الدّول الموقِّعة عليها ملزمةً قانونيّاً بتطبيق بنودها، وقد لاقت قبولاً عالميّاً واسعاً، ووصل عدد الدُّول المُوقِّعة عليها حتّى الآن 193 دولةً، وهذا عددٌ أكبر من عدد الدّول المُعترِفة باتفاقيّات جنيف، وأكبرُ من عدد الدُّول المُنظّمة للأمم المتَّحدة.[٢]
تشتمل الاتفاقيّة على 54 مادّةً، وبروتوكولين يُعتبر الأخذُ بهما اختياريّاً، وهي تُبيّن بشكلٍ واضحٍ حقوق الأطفال الأساسيّة التي من الواجب أن يتمتّع بها الأطفال في كلّ مكان دون أيّ تمييز.[٢] وقد اعتُمدت وعُرضت على الدُّول للتوقيع والانضمام إثر قرار الجمعيّة العامّة للأمم المُتّحدة رقم 44/25 في 20 نوفمبر لعام 1989م، وبدأ العمل بها في 2 سبتمبر عام 1990م.[٤]
أسّست اتفاقية حقوق الطّفل للمبادئ العامّة الهامّة والمُتعلِّقة بالطفل، وهي:[٥]
أقرّت الدُّول المُوقِّعة على اتفاقيّة حقوق الطِّفل بأنّ على الطِّفل أن يحيا في بيئة يسودها جوّ من الأمن والسّعادة والتّفاهم لتُصقل شخصيّته وينمو مُتّزناً، كما أقرّت بأنّ الطِّفل يحتاجُ للحماية جرّاء عدم نضجه العقليّ والبدنيّ، ويشملُ ذلك الحماية القانونيّة فيما يخصّ أموره قبل ولادته وبعدها، حيثُ يعيشُ الأطفال في بعض دُول العالم معيشةً صعبةً ضمن ظروفٍ قاسيةٍ، ممّا يُشدّد الحاجة لحمايتهم ورعايتهم خصوصاً في الدّول النّامية.[١]
كما رسّخت اتِفاقيّة حقوق الطِّفل بعض المعايير التي يجب العمل بها لصالحِ نماءِ الأطفال وتطوّرهم، وانتشالهم من ضيق الجوع والحاجة وسوء المُعاملة والإهمال. وتنطلِقُ الاتفاقيّة من كون الطِّفل إنساناً مُستقلاً له حقوقٌ وعليه واجبات تُناسبه وتناسب عُمره، وساهمت هذه الاتفاقيّة وتوقيع كثيرٍ من الدُّول عليها برفع قيمة الطفل وكرامته الإنسانيّة، ورسّخت ضرورة توفير الرفاهيّة وأسباب النّماء لهم، كما تنصُّ على وجوبِ حصول الأطفال جميعاً على مستوىً معيشيّ جيّد بصفته حقّ لهم لا امتياز ورفاهيّة.[٦]
وقدْ تضمّنت اتفاقيّة حقوق الطِّفل على الكثير من المواد التي تنصُّ على وجوبِ حماية حقوق الطِّفل، منها المادة (3) البند الثاني الذي ينصّ على الآتي: (تتعهّد الدول الأطراف بأن تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين لرفاهه، مراعيةً حقوق وواجبات والديه أو أوصيائه أو غيرهم من الأفراد المسؤولين قانوناً عنه، وتتّخذ، تحقيقاً لهذا الغرض، جميع التدابير التشريعيّة والإداريّة المُلائمة).[١]
ومن الجدير بالذّكر أنّ حماية الطفل والسّعي لرفعه وارتقائه وضمانة تطبيق واحترام حقوقه لهوَ مقياسٌ واضحٌ عن حالة الرُقيِّ الإنسانيّ والمُجتمعيِّ والتحضّر الذي وصلته الدّولة، كما يُعدُّ مقياساً هامّاً لمقدار التقدّم الذي أنجزته الهيئات والمُنظّمات الدوليّة في مجال حماية حقوق الطِّفل والإنسان.[٧]
ويجبُ أنْ يفهمَ المُجتمعُ والقائمين على شؤون الأطفال أنّ حماية حقوق الطّفل لا تعني حماية وتوفير حقّه في الأكل والشُّرب واللباس فقط، إنّما هو مفهومٌ شامل لحماية حقّه في الجوانب كلّها، كالرّعاية العاطفيّة التي تُعدّ من أهمّ الأولويّات التي يحتاجها الأطفال في سنواتهم الأولى، فهي تعدُّ أساساً ترتكز عليها تصرّفاته وسلوكاته مُستقبلاً، كما تُعدُّ مُوجِّهاً لنموه النفسيّ التي تُشكِّل شخصيّته.[٨]
وإنّ ما يراه الطفل أمام ناظريه من قتلٍ وعنفٍ وقسوةٍ وحُروب ودماءٍ لهو أكبرُ مُشوّه نفسيّ له ويحرمه الاستقرار العاطفيّ، كما يُشجّع الشّر في نفسه ويُحرِّضه، في حينِ البيئة السّليمة التي تخلو من العنف والقسوة تُحقّق له تنشئةً مُطمئنةً ومُتّزنةً تنعكس آثارها على الحاضر والمُستقبل.[٨]
وقد أُسِّست لحماية الطفل وحماية حقوقه مُؤسّساتٍ ومُنظّماتٍ عالميّة، ومنها مُنظّمة أنقذوا الأطفال (بالإنجليزيّة:save the children’s)، اليونيسف (بالإنجليزيّة:unicef)، واللجنة الإسلاميّة العالميّة للمرأة والطِّفل.[٤]
على الرَغم من وجود حقوقٍ خاصّة بالطِّفل تُعنى به وبجميع أموره، إلّا أنّه مازال أطفالٌ يُعانون في هذا العالم وبخاصّة في الدُّول الصناعيّة والنّامية من التشرُّد، والفقر، والإهمال، وتفشّي الأمراض، وسوء المُعاملة، ومن عدم توفّر فرص التّعليم وعدم المساواة في ذلك، كما يُعانون من هيئات وأنظمة قضاء لا تُقدّر احتياجاتهم الخاصّة ولا تعترفُ بها.[٦]
وينبغي على الدُّول أن تلتزم بجميع الإجراءات والمُمارسات التي من شأنها تحقيق مصلحة الطِّفل، وذلك بمُوجب الإثبات الواسع لاتفاقيّة حقوق الطفل على مُستوى العالم، وبُمجرّد توقيع الحكومات على هذه الاتفاقيّة فإنّها مُلزمةٌ بنقلِ البنود والالتزامات هذه إلى أفعالٍ مُطبّقة على أرض الواقع.[٦]
ويُشارك المُجتمع بأفراده في ترجمةِ الالتزامات والمبادئ التي نصّت عليها الاتفاقيّة حيثُ ينبغي للجميع أنْ يوفِّر للأطفال ما يحتاجون، سواءً أكانوا أُسراً أم مُؤسّسات أم مدارس، إذ إنّ هذه المَهمّة ليست مُقتصرةً على الحُكومات.[٦]
المقالات المتعلقة بحماية حقوق الطفل