لا تكاد تخلو حياة من مكدّرات ومُنغّصات ، فالسعادة الأبديّة غير موجودة على هذهِ الأرض إطلاقاً ، فلا سعادة تدوم ولا همّ يدوم ، والحياة متقلّبة وفي أحسن ظروفها معتدلة بين الشدّة والرخاء ، فلا ينبغي للإنسان أن يرتبط بمشاعره وأحاسيسه مع تقلّبات الزمن وأحواله التي لا تستقرّ على شيءٍ أبدا ، فدوام الحال من المحال.
وهناك من الناس من تحتوشهم الظروف العصيبة وتلفّهم ضائقة الحياة بكدرها ومنغّصاتها حتّى لا تدع لهم مجالاً للنظر إلى ما حولهم ، فتعمّ حياتهم البؤس ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، فكيف بكَ إذا علمت أنّ مثل هؤلاء الذين ضاقت عليهم الدنيا بأحوالها يعتزمون الإنتحار وهم يُريدون بذلك أن يجلبوا لأنفسهم شقاءاً في الآخرة أيضاً ، فهذهِ مُصيبةٌ أعظم وطآمّةٌ أكبر.
كيف تتخلّص من فكرة الإنتحار لا يخطر موضوع الإنتحار إلاّ عند من ضَعُف إيمانه بالله عزّ وجلّ وتراجعت ايمانيّاته ، فالإيمان بالله يسهّل الصعاب ، ويُذلّل العقبات ، ويكبح جماح الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء ، ويقضي على دواعي الشرّ ، فبالتالي حتّى نطرد هذهِ الأفكار القاتلة علينا بالرجوع إلى السكينة والهدوء الإيمانيّ. وللتخلّص من فكرة الإنتحار علينا أن نتذكّر عاقبة قتل النفس وأنّ صاحبها في النار ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، فكيف تُريد أن تتخلص من عذاب وهمّ الدنيا لتنتقل إلى عذاب أشدّ وهمّ أكبر في نار الآخرة. إذا راودتكَ هذهِ الفكرة فاطردها بالعمل النافع ، وحاول أن تخرج إلى فضاء واسع وفكّر بإيجابيّة ، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم. حاول ألاّ تختلي بنفسك وتبقى وحيداً إذا أحسست بدوّامة الأفكار الهدّامة التي لا تقود إلى خير ، بل اسعى للجلوس بين الناس وخصوصاً أصحاب الطاقات الإيجابيّة ، وأصحاب النفوس المعطاءة ، الذين يُبادرون إلى عونِك ويُسدون إليك النصح والعون ، فالحياة الإجتماعيّة الطيّبة والصُحبة الجيّدة هي دواء للإنفعالات النفسيّة السلبيّة. ابحث لنفسك عن حلول للمشاكل التي تعتريك ، فإذا كانت ضائقة الحياة الماديّة هي السبب فحاول أن تبحث عن عمل وأن تجد سبيلاً إلى طلب الرزق ، فإنّ طلب الرزق أمرٌ واجب وليس لكَ أن تتركه وتستسلم للفقر وتلعن الظلام ، فاسعَ في الأرض وتوكّل على الله ، وإذا كان سبب تفكيرك في الإنتحار هو خسارة شخصٍ عزيز أو غدرٌ من مُحبّ أو عدم حصول أمرٍ تتمنّاه فتذكّر أنّ كلَّ شيءٍ مقسوم ومُقدّر في هذهِ الحياة ، وليس لكَ إلاَ ما كتبهُ الله لك.