إنّ الوقت أغلى ما يَملك الإنسان في هذه الدنيا، وأقلّةٌ هم أولئكَ الأشخاص الذين يُقدّرون قيمة الوقت ويعرفون أهميّته، ويُحسنون استغلاله والاستفادة منه، فكم هم أولئك الذين ضيّعوا أوقاتهم وأصابهم الندم على ذلك بعد عُمرٍ مديد. قال تعالى: (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ)[١].
بَيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف الذي رواه عبد الله بن عباس أهميّة الوقت بالنسبة للإنسان، ووضّح أنّه من الأمور التي على المسلم اغتنامها، والاهتِمام بها، وعدم التفريط فيها؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام لرجلٍ يعظه: (اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هِرَمِك، وصِحَّتَك قبل سِقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك)[٢]. من هنا جاءت الأهميّة الكبرى للتنظيم في حياة الفرد المسلم؛ فالتنظيم هو استغلالٌ لكل دقيقة من حياة الإنسان بالجدّ والعمل والاجتهاد المُفيد الذي يُرى أثره في الدنيا والآخرة.[٣]
أهمية التنظيم في حياة الإنسانإنّ التنظيم أو التخطيط له أهميّة كبيرة تجعل الفَردَ يُطوّر من ذاته، ويَسعى لأن يَكون المُرافق الدائم له في كُلّ تحرّكاته؛ فكَثيرٌ من المَشاهير، والعُلماء وضعوا في جَيبهم قائمة صغيرة لأهمّ الأعمال التي سيُنجزونها خِلال يومهم، وإن دلّ هذا الأمر على شيءٍ فهو يَدلّ على تَقدير هؤلاء أصحاب النجاح والهمم العالية للوقت، ولقيمته؛ فالتنظيم مهمٌ لحياة الفرد؛ حيث يربط كافة مَجهودات الإنسان وتطلّعاته مع بعضها البعض، وهو يُحدّد حجم الالتزاماتِ والمسؤوليات التي تقع على الفرد، ويقيس إنجازاته ومدى إحرازه وتَقدُّمه في هذه الالتزامات وتنفيذها، وبالتنظيم أيضاً يُحدّد الإنسان هدفه وغايته من هذه الحياة، وما الذي يُريده منها، ويعرف ما لديه من إمكانيّات وقدرات ومهارات تُساعده على تحقيق الأهداف والطّموحات التي يسعى إليها، والتي تُعينه على مواجهة المشكلات الطارئة التي قد يتعرّضُ لها بين وقتٍ وآخر.
يجدُ الإنسان من خلال التنظيم متّسعاً من الوقت يساعده على النجاح والتقدُّم نحو الأمام وإثبات الذات، ورفع الروح المعنويّة لديه، والحالة النفسيّة والعاطفية التي يعيشها، والتي يترتب عليها تحسنٌ ملحوظٌ في علاقاته مع الأفراد المُحيطين به، فالتنظيم بمعنى آخر هو الحياة للفرد، وهو استغلالٌ للفرص المتاحة وتحويلها إلى أهدافٍ قابلة للتحقيق في فترةٍ زمنية مُحدّدة.[٤]
إنّ أهمية تنظيم الإنسان لحياته، ووضع مخطط لسير أعماله تكمن في معرفته لقيمة الوقت وأهميّته، وأنّه يجب أن يبدأ التحكّم بالوقت والسيطرة عليه، وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف المستقبلية التي يسعى لها في حياته؛ فهو يضع الخُطط اليومية، والأسبوعية، والشهرية، وقد تكون خططاً سنويةً لتنظيم شؤون حياته، ومستقبله القادم آخذاً بعين الاعتبار الماضي من حياته، والأحداث التي مرت به. يقول توم بيترز: (الرؤى الفعّالة تعد للمستقبل، إلا أنّها تُكرم الماضي).[٥]
وسائل تنظيم الحياة اليوميةأصبَح تَنظيم الوَقت من ضروريّات الحياة اليوميّة التي يجب على الفرد القيام بها؛ وذلك نظراً لازديادِ أعمال الإنسان، وكثرة الالتزامات التي يقوم بها، وضيق الوقت الذي يُعاني منه الفرد، ولذلك كانت الحاجة مُلحّةً لوضع تنظيمٍ يومي، ومن الوسائل التي تُساعدُه على ذلك:[٦][٧]
المقالات المتعلقة بكيف أنظم حياتي اليومية