إنّ القرآن الكريم هو كلام الله عزّ وجلّ، وقد أنزله على نبيه محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وخصّ بفضله الذين يداومون عليه، يقرأونه ويحفظونه، ويطبّقون آياته تفسيراً وعملاً في حياتهم، فيغدو الأثر واضحاً في حياة من هو صاحب القرآن بحقّ، فتصبح كلّ حياته نوراً، وتغدو معالم طريقه واضحةً، ويعرف أين يذهب في حياته، وكيف يتحرّك وبماذا يسترشد، فالقرآن هو الدّستور والدّليل، وهو الملجأ للاطمئنان والرّاحة النّفسية، وحتى الجسديّة.
وفضل قراءة القرآن عظيم جدّاً، وفضل حفظه أعظم من ذلك بكثير، فالذين يحفظون القرآن هم أهل الله، وخاصّته، وهم من تدعوا لهم الملائكة، وهم الذين سوف يلبسون والديهم تاجاً من اللؤلؤ يوم القيامة، وهم الذين سوف يناديهم الله تعالى على الملأ، أن إقرأ ورتّل كما كنت ترتل في الدّنيا، فإنّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها.
محتوياتوعن كيفيّة حفظ القرآن فهناك طرق عديدة، فالبعض يلتحق بالمسجد للحفظ، وذلك بالالتزام بحلقة لتحفيظ القرآن مع شيخ يتابعه، وهناك من يلتحق بمدارس متخصّصة لحفظ القرآن وأمور الدّين، وهناك من يبعد عنه المسجد مثلاً، أو تمنعه بعض الظروف، فيحاول أن يحفظ القرآن لوحده في المنزل، وقد يلاقي صعوبةً كبيرةً بعض الشيء، فالمرء قويّ بإخوانه، وكونه يريد أن يحفظ لوحده في المنزل، فإنّه يحتاج لكثير من الجهد، ويحتاج لكثير من العزيمة والإصرار، كي يستمر، ولكي يحقق إنجازاً كبيراً في طريق حفظه لكتاب الله عزّ وجلّ:
إنّ حفظ القرآن مع فهم معانيه هو أمر مطلوب شرعاً، فقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن لكي يتلى ويتمّ تدبّر معانيه، وأن يعمل به، ويحكم به بين النّاس، وكي يدعى به الخلق، ويبشّروا به أو ينذروا، وهذا لا يتمّ إلا من خلال فهم معاني القرآن الكريم، وقد ذكر ابن عبد البرّ في جامع بيان العلم، أنّ أوّل مراتب ودرجات طلب العلم هو أن يتمّ حفظ القرآن وأن يفهمه، وقد ذكر أنّ ما يعين على فهم معانيه يجب تعلمه، وكان هدي أصحاب النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - هو أن يتعلموا آيات منه ويتعلموا معانيها، كما روى الطبري عن ابن مسعود أنّه قال:" كان الرّجل منّا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهنّ حتى يعرف معانيهنّ والعمل بهنّ ".
وبهذا يعلم تأكيد وأهمية تعلم تفسير القرآن الكريم، حتّى يتمكّن القارئ من التدبّر في آياته، والعمل به، والدّعوة به كذكل، ثمّ إنّ النّاس يختلفون في مستوى فهمهم ومواهبهم، ففي حال كان مستوى الإنسان في الفهم ضعيفاً، وكان سهلاً عليه أن يحفظ، فإنّه من المستحسن أن ينتهز الفرصة وأن يبادر بحفظ ما أمكنه، مع العزم على دراسة التفسير عند وجود فرصة مناسبة.
ومن الأدعية النّافعة المستجابة دعاء ذي النّون ـ عليه السّلام ـ فقد روى أحمد والترمذي وغيرهما، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" دعوة ذي النّون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين، فإنّه لا يدعو بها رجل مسلم في شيء قطّ إلا استجاب له ". (1)
ما يعين على حفظ القرآن الكريميعتبر من أهمّ ما يعين المسلم على حفظ القرآن الكريم، ومعرفة العلم، أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يكثر من دعائه، وخصوصاً في أوقات الإجابة؛ فقد قال الله تعالى:" وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "، البقرة/282، فعلى المسلم أن يتقي الله عزّ وجلّ، وأن يصبر ويصابر، وأن يكثر من تكرار القرآن الكريم، حتى يتمرّن ويعتاد على الحفظ.
وعليه أيضاً أن يتقي الله عزّ وجلّ، وذلك من خلال الامتثال لأوامره، واجتناب نواهيه، قال سبحانه وتعالى:" واتقوا الله ويعلمكم الله "،البقرة/282، فالمتقون يمنُّ الله تعالى عليهم بنور البصيرة لبعدهم عن المعاصي والذنوب التي تجعل قلب صاحبها مظلماً وقاسياً، وعليه أيضاص أن يجتهد ويجدّ عن طريق كثرة الحفظ والفهم، حيث تقوى الذاكرة بتعوّدها على ذلك، قال الإمام ابن القيم في كتابه الطب النبوي:" وأي عضو كثرت رياضته قوي، وخصوصا على نوع تلك الرياضة، بل كل قوة فهذا شأنها، فإن من استكثر من الحفظ قويت حافظته، ومن استكثر من الفكر قويت قوته المفكرة، ولكل عضو رياضة تخصّه ". (2)
المراجع(1) بتصرّف عن فتوى رقم 208204/ أهمية حفظ القرآن وتفهم معانيه/ 21-5-2013/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصّرف عن فتوى رقم 50689/ طرق ووسائل وأغذية لتقوية الذاكرة والحفظ/ 1-7-2004/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
المقالات المتعلقة بكيف أحفظ القرآن بمفردي