الوقت هو الحياة، هذا هو المفهوم الذي قد يسير عليه أصحاب الهمم ويتبعونه لرسم مستقبلهم وجعله كما يهدفون، فهم يعلمون قيمة الوقت، ولا يضيعون منه دقيقة واحدة، إنّ للوقت في حياة الإنسان أهمية كبيرة، فهو يمضي ولا يرجع، ولا يُمكن إرجاعه، فالوقت الضائع قد يكون مفيداً جداً في حال لو قمنا باستغلاله الاستغلال الأمثل، كثير من الوقت في يومنا الواحد يضيع هباءً منثوراً، ونأتي في آخر اليوم نجد أنفسنا لم نفعل شيئاً مفيد، وهذا سببه عدم وجود خطة لاستغلال الوقت الضائع في أشياء قد تجعل يومنا مختلفاً وناجحاً ومفيداً على كافة الأصعدة. مع التطورات الكبيرة الكثيرة التي نعيشها، أصبح من السهولة إنجاز الكثير من الأعمال بوقت قياسي، وهذا قد يخلق لنا وقتاً كبيراً من الفراغ، بخلاف الأزمنة القديمة فقد كان الإنسان ينشغل طول يومه بحثاً عن الطعام والشراب وإيواء نفسه إمّا من حرارة الشمس أو من مطر الشتاء، لم يكن يضيع الوقت لأن لديه فقط النهار للعمل والليل للسكون والراحة، إن الثورة التكنولوجية التي توالت على الإنسان جعلت من الأوقات التي يقضيها لإنجاز مهامه قليلة، ويبقي الكثير من الوقت في فراغ، فإنّ لم يستغل هذا الوقت المهم فإنّه قد يخسر الكثير من حياته، ولا نعي أهمية الوقت في حياتنا إلّا حين يتقدم بنا العمر ونحدث أنفسنا بأن هناك الكثير من الوقت ضيعناه ولو تم استغلاله لكان الحال أفضل بكثير.
استغلال الوقت في القرآن والسنةهناك الكثير من التوجهات التي تحث على استغلال الوقت، ومنها توجهات سماوية من رب العالمين، حيث في سورة الإسراء الآية رقم 79 (ومن الليل تتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)، فهنا كان الله سبحانه وتعالي يقول للخلق استغلوا اوقاتكم بذكري، ولا تضيعوها فيما يغضبه، حتى الليل استغلوه في الصلاة والدعاء والذكر حتى تنالوا أحسن المراتب، ويكون مقامكم محمودا، وأيضاً تتضح أهمية الوقت في حديث رسول الله، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم وهو يعظه (اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) فرسول الله يدرك قيمة الوقت، ويدرك ان الوقت الذي يمضي لا يعود ولا يكون إلّا الندم على ما فات، لذلك لا بد من استغلال الوقت الاستغلال الذي قد ينجينا في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولتأكيد أهمية الوقت كان هناك توجه للكثير من العلماء للحديث عن أهمية الوقت وخسارة ضياعه، في ظل وجود إمكانيات كبيرة لدي الإنسان لاستغلال الوقت المهدور بعمل شيء يفيده ويفيد غيره.
الشباب وأوقات الفراغمن أكثر الفئات التي تشتكي من أوقات الفراغ الكبيرة في حياتهم، هم الشباب، هم لا يعلمون بأن أوقات الفراغ هي التي تسبب لهم الشعور بالملل الشديد، وعدم وجود نية مسبقة لديهم أو تخطيط مسبق لاستغلال وقت الفراغ، وهذا يجعلهم أكثر عرضة للشعور بالملل والتوجه لمحاولة التسلية في أمور سيئة ومحرمة، وتجعلهم يسلكون طريقاً صعباً ونهايته مؤلمة، وللعدول عن السير في مثل هذه الطرق هناك الكثير من الأشياء التي يمكن إنجازها، ولا يكون لديك وقت فراغ لتشعر بالملل والضياع، وتكون سعيدا بما تعمل وتحس بفخر كبير على مستوي ثقافتك وفكرك الذي يتطور، وتزداد ثقتك بنفسك. أول هذه الأمور أن تعرف ما هي الأمور التي تحب أن تكون متطورا فيها، وأن تصل فيها أعلي المراتب، ومن خلال معرفتك لهذه الأمور تستطيع التخطيط لأوقات فراغك بكل سهولة وأفضل استغلال، فإنّ كنت طالباً ويوجد لديك أوقات فراغ كبيرة، لا بد وان تستغلها في أمور تعينك على التفوق في دراستك، لا تتقيد للقراءة في كتب المدرسة فقط، فهناك كتب قد تفيدك أكثر وتزيد من معلوماتك وثقافتك، وغير ذلك يمكنك مشاهدة الأفلام الوثائقية العلمية والتي تكون مفيدة جداً، ويُمكنك أيضاً استغلال وقت الفراغ في تعلم مهارات التخطيط الدراسي السليم، وطرق الدراسة الصحيحة، فكل هذا يكون في مصلحتك ويعينك على التفوق.
كيف تستغل وقت الفراغمن الأشياء التي تفيد الشباب في ملئ أوقات فراغهم بما تفيدهم، هي حضور دورات تدريبية أو ندوات تناقش فيه موضوعات هامة تخص المجتمع والظواهر التي تسيطر عليها، يوجد الكثير من الأمور التي يمكن أن تُستغل في أوقات الفراغ وتعود بالفائدة الكبيرة على الشخص، ابدأ بتعليم نفسك أشياء جديدة لم تكن تعرفها، لا بُد أن تخوض في مجالات جديدة تتعلم منها وتستفيد، وتأكد أن كل ما تفعله وقت فراغك لو كان عادياً سيكون أفضل من أن تشعر بالملل. استغل وقت فراغك في ممارسة الرياضة، فمن منا لا يعلم فوائد ممارسة الرياضة بشكل يومي، فهي أساس الصحة السليمة والعقل السليم، لا تجعل وقت فراغك للنوم والخمول، اجعله للنشاط والرياضة، واجعل جسمك رشيقاً ولياقتك عالية حتى تصبح من أكثر الواثقين بأنفسهم، عود نفسك على ممارسة الرياضة بشكل مستمر، وستجد أن لديك طاقة كبيرة ونشاط كبير.
استغل وقت فراغك بمطالعة الكتب العلمية، وقراءة الكتب التي لها علاقة بفاعلية الذات، فهذا من شأنه أن يزيد ثقافتك ويكرس خلفيتك الثقافية بمعلومات قيمة، تفيدك في حياتك العملية، ويمكنك قراءة القرآن وحفظه وذلك من شأنه أن يرفع مقامك عند رب العالمين، وهناك الكثير من الكتب الدينية التي قد تُعينك على الفهم الكامل لدينك، وأن تسير في الطريق الصحيح، ولتعلم أن خير معين في يومك على استغلال أوقات الفراغ الاستغلال الأمثل هي قراءة ورد من القرآن الكريم بشكل يومي، ليطمئن فؤادك وتكسب الأجر، لأن في كل حرف تقرأه حسنة وكل حسنة بعشرة أمثالها.
يمكنك استغلال وقت فراغك في صلة الرحم، فصلة الرحم ذُكرت في كثر من الآيات في القرآن الكريم، وحث عليها رسول الله في الكثير من الأحاديث الشريفة، حتى أن قطع صلة الرحم تعتبر من كبائر الذنوب، لذا يمكنك استغلال وقت فراغك في أن توصل رحمك، وتطمئن عليهم وتؤدي ما عليك من واجبات اتجاههم، وفي هذه الحالة تكون قد استفدت أمرين وهما إرضاء الله عز وجل واستغلال وقت الفراغ فيما يفيد وينفع.
إنّ وجود الانترنت يجعلك تملك نافذة على العالم أجمع، يمكنك استغلال هذه النافذة في أوقات فراغك في الكثير من الأمور، كمطالة أخبار العالم ومتابعة كل ما هو جديد، والتواصل مع الأصدقاء والأهل الذين يعيشون بعيداً عنك، وهناك الكثير من المواقع التعليمية والتثقيفية التي يمكنك التسجيل بها وتعلم كل ما هو جديد، وهناك الكثير من الأمور المفيدة في كافة المجالات والاختصاصات، فيمكنك تطوير نفسك وزيادة ثقافتك وانت في المنزل من خلال هذه البوابة التي لا حدود لها من المواقع المفيدة.
يوجد الكثير من الأمور التي تكون مفيدة جداً في استغلال وقت الفراغ، والتي لا يمكن حصرها، فأنت من تعرف نفسك، وتعرف ما هي المجالات التي تجعلك سعيداً عند القيام بها، قم بالتخطيط لنفسك لجعل أوقات الفراغ أوقاتاً جميلة ومفيدة وذات أهمية كأي وقت آخر تقضيه في العمل وغيره من أمور الحياة، لا تجعل الوقت يمضي دون استغلال حتى لا تندم عليه وقت لا ينفع الندم.
المقالات المتعلقة بكيفية ملء أوقات الفراغ