ديننا الإسلامي الحنيف جاء داعياً إلى كل خصال الخير ومنها الحث على الأمل والجدية واستثمار الوقت فالمُطَلع في كتاب الله العظيم يجد أن المولى تعالى أقسم بالوقت في فواتح عدد من سور القرآن الكريم ومن ذلك (و الفجر وليال عشر) ويدلّ قسم الله بالمخلوق على عظم شأن المقسم عليه. قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأمقت الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".
أهمية إدارة الوقتأهم شيء في إدارة الوقت بشكل صحيح أن:
فإما أن تتعلم كيف تدير وقتك وحياتك، وإلا ستكون حياتك أشبه بسفينة تتقاذفها الأمواج، لا تدري أين تذهب وكيف تتجه ولأي هدف تسير، فالحياة تشبه رحلة قصيرة في سفينة، الأخطار تحيط بك من كل جانب، وفي أي لحظة يمكن أن تلقى مصيرك، وبالتالي كلما كانت خطتك مرسومة بشكل متقن، كلما حققت الوصول إلى الشاطئ بأمان.
فوائد إدارة الوقتيؤكّد علماء النفس أنّ أي عمل تريد تنفيذه ينبغي قبل كل شيء أن تدرك فوائده، ليكون العمل فعالاً ويعطي النتائج المطلوبة، عندما تتأمل كتاب الله تعالى تجد أن البارئ عز وجل يرغبنا في الجنة، وعندما يأمرنا بعمل ما، يتبعه بالفوائد التي سنجنيها من هذا العمل، وعندما ينهانا عن عمل ما، فإنه يوضح لنا سلبيات هذا العمل وأضراره والآيات كثيرة في هذا المجال، لذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يحدثنا عن أهمية الوقت استخدم أهم لحظة في تاريخ المؤمن، وهي وقوفه بين يدي خالقه سبحانه وتعالى، فقال: لا تزولا قدما عبد حتى يُسأل عن أربع، ومنها عن وقته فيما أنفقه، فربط بين استثمار الوقت بما يرضي الله، وبين دخول الجنة والأسئلة التي سيواجهها كل منا، لذلك سوف نعدد بعض الفوائد لاستثمار الوقت واستغلال كل ثانية في عمل مفيد.
إدارة الوقت والسعادةتقول الدراسات الحديثة أن الإنسان الذي يعرف كيف يستغل وقته في أعمال مفيدة ونافعة، يكون أكثر سعادة من أولئك الذين يضيعون أوقاتهم من دون فائدة، فالسعادة مرتبطة بما يقدمه المرء من أعمال نافعة، ابدأ بحفظ القرآن الكريم، عندها تبدأ رحلة السعادة مع كتاب الله تعالى، فالقرآن يعلمك كيف تستثمر وقتك بالكامل، فكل لحظة هناك عبادة أو ذكر أو صلة رحم أو عمل نافع أو علم نافع، فإذا أردتَ أن تحصل على السعادة فتعلم كيف تستثمر وقتك، ولا تترك حياتك ووقتك تبعاً للظروف المحيطة مثل قارب تتقاذفه الأمواج دون توجيه، فإن النتيجة ستكون الغرق.
إدارة الوقت تساوي الرضا والنجاحمعظم الناس غير راضين عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم معرفتهم لأهمية الوقت، وهذا ما يسبب لهم الكثير من الاضطرابات النفسية، فعلماء النفس يؤكدون على أن معظم الأمراض النفسية تنشأ نتيجة عدم الرضا عن الواقع، هذه المسألة تسبب مشاكل نفسية وآلام لا تقل عن الآلام العضوية.
تأمل آيات القرآن وتدبّر معانيها يجعلك تدرك أن كل شيء في هذا الكون بيد الله تعالى، ولا يتم أمر إلا بإذنه، ولا يحدث معك شيء إلا بتقدير وعلم وحكمة منه عزّ وجلّ، هذا يجعلك ترضى عن كل ما يحدث معك، ويجعلك تشعر بمراقبة الله لك وعلمه بما يحدث معك، كثير من الأطباء النفسيين لا يفعلون أي شيء لمرضاهم أكثر من الاستماع إلى همومهم ومشاكلهم، وهذا بحد ذاته علاج للمريض النفسي.
عندما تعلم بأن الله تعالى يرى ويسمع ويعرف كل ما يحدث معك، فإنك ستشعر بالرضا عن الواقع الذي تعيشه لأنه مقدر عليك، بالنتيجة فإن استثمار الوقت في ذكر الله تعالى يمنحك الرضا عن واقعك، وهذا يشعرك بالسعادة ويزيد من طاقتك في إنجاز أعمالك أو دراستك، بالتالي تكون قد خطوت خطوة على طريق النجاح، إذاً إدارة الوقت الناجحة تعني النجاح في الدراسة والعمل.
الوقت الفعاليعتمد تنظيم الوقت قبل كل شيء على الزمن المتوافر لديك كل يوم، فاليوم 24 ساعة، هناك وقت للنوم بحدود 6 ساعات (يفضل أن تكون على مرحلتين: 4 ساعات في الليل وساعتين في النهار)، إذاً يتبقى لدينا 24 – 6 = 18 ساعة، هذه المدة يجب أن ننقص منها ما يقوم به الإنسان من قضاء لحاجته وطعام وشراب واغتسال وهذه المدة تحتاج لساعتين وسطياً، يبقى لدينا 18 – 2 = 16 ساعة، لكن هناك أشياء أخرى يجب أن نفعلها كمسلمين، وعلى رأسها الصلاة، هذا الوقت مقدَّس، ويجب أن يكون على رأس اهتماماتنا، نحتاج لأداء الصلوات الخمس مدة ساعة على الأقل، ويبقى لدينا 16 – 1 = 15 ساعة.
هناك فترة عمل يلتزم بها معظم الناس (من أجل لقمة العيش) مثل وظيفة أو عمل حر أو تجارة أو دراسة في مدرسة أو جامعة... إلخ، هذه المدة تكون بحدود 8 ساعات يومياً، ويبقى لدينا وقت الفراغ الفعال: 15 – 8 = 7 ساعات! تصوروا أن معظم الوقت استنفذ على حاجات الإنسان الضرورية، ولم يتبق إلا 7 ساعات يمكن أن يستغلها في أشياء أخرى، لكن معظمنا لا يستفيد من هذه الساعات السبع.
إنّ هذه الفترة كافية لتقوم بأشياء كثيرة، على رأسها حفظ القرآن، لكن معظم الناس لا يجدون وقتاً للقيام بمثل هذا العمل، مع العلم أنه أهم عمل في حياة المؤمن، لأنه سيغير الكثير، من خلال الطريقة الإبداعية سوف نرى بأن الإنسان يمكن أن يستغل الـ 24 ساعة ويستثمرها بشكل فعال، حتى وقت نومه.
إدارة الوقت أثناء النوممن الأشياء العجيبة أن الدماغ أثناء النوم يبقى في حالة نشاط وعمل واسترجاع للذكريات وإجراء تنظيم لها، بل إن النوم يزيد من قدرة الإنسان على الإبداع، لذلك يجب استغلال هذه الفترة بالإستماع إلى القرآن الكريم والتعلم، موضوع التعلم أثناء النوم يشغل بال العلماء اليوم، حيث يحاولون رصد العمليات التي تتم في دماغ النائم، ومدى تأثره بالكلمات التي يستمع إليها وهو نائم، وذلك من خلال جهاز المسح بالرنين المغنطيسي الوظيفي fmri.
نصائحالمقالات المتعلقة بكيفية تنظيم الوقت