تأسست الدولة العثمانية على يد الإمبراطور عثمان الأول بن أرطغرل، وهي إمبراطورية إسلامية، امتدّ نفوذها على مساحات شاسعة ضمّت ثلاث قارات من العالم القديم وهي أوروبا وآسيا وإفريقيا، وامتدّ نفوذها مع الوقت إلى كامل قارة آسيا الصغرى وجنوب شرق أوروبا وغربي آسيا وشمالي إفريقيا.
احتضنت الدولة العثمانيّة ما يُقارب تسعاً وعشرين ولاية تحت سلطتها، واستمرت الدولة العثمانية في الحكم إلى ما يقارب ستمائة سنة؛ إذ تأسست في السابع والعشرين من شهر يوليو لعام 1299، واستمرّت حتى التاسع والعشرين من شهر أكتوبر لعام 1923م، وعاشت الدولة العثمانية في القرنين السادس عشر والسابع عشر من فترة حكمها فترة الذروة في القوة والمجد؛ حيث تمكّنت من توسيع نفوذ حكمها لتصل إلى قارات العالم القديم.
من الجدير ذكره أنّ الدولة العثمانية كانت ديانتها الديانة الإسلامية السنية، وكانت الأقلية شيعية، ويُذكر بأنّ سلطنة أتشيه السومطرية قد أعلنت انتماءها وولائها للدولة العثمانية في عام 1565م نظراً لكونها دولة إسلامية تتبع شرع الله تعالى وكون سلاطين آل عثمان يحملون لقب أمير المؤمنين أو خليفة المسلمين، شهدت فترة حكم السلطان سليمان الأول القانوني الذي حكم البلاد في الفترة الممتدّة من عام 1520م وحتى عام 1566م ذروة قوتها من النواحي السياسية والعسكرية، واتخذّت من القسطنطينية عاصمة لها لتكون حلقة وصل بين العالمين الأوروبي المسيحي والشرقي الإسلامي.
لقّب عصر السلطان سليمان الأول القانوني بالعصر الذهبي للدولة العثمانية، وبعد انتهاء حكمه وزواله تراجعت قوة الدولة وضعفت وبدأت بالتفكك، وما عاشته من ازدهار وانتعاش وإصلاح لم يُمكنّها من استعادة ما فقدته من ممتلكات في فترة ضعفها، وكانت قد اتّخذت من اللغة التركية لغةً رسميّةً للبلاد.
تخلّف عثمان زعامة الإمارة بعد وفاة والده، فأظهر إخلاصه للدولة السلجوقية الذي كان والده قد سبقه بالإخلاص لها والوفاء، وفي بداية تسلّم عثمان لأمور الإمارة وزعامتها أبدى الذكاء والحنكة والبراعة في السياسة والعلاقات مع الإمارات المجاورة، فتمكّن من التحالف مع التركمان، كما عمل على تسيير الجيوش إلى الأراضي البيزنطية لإكمال مسيرة دولة سلاجقة الروم بفتح كافّة الأراضي البيزنطيّة ودمجها إلى الأراضي الإسلامية، وكان أبرز ما شجّعه ودفعه إلى القيام بهذه الخطوة هو حلول الضعف في جسم الإمبراطورية البيزنطية وانشغالها بالحرب في القارة الأوروبية، الأمر الذي فتح أمامه الطريق وسهّل له السبل للتوسّع غرباً باتجاه الأناضول ومن ثم المضي قدماً إلى عبور الدردنيل للتوّجه إلى أوروبا الشرقية الجنوبية.
كان عثمان قد أعلن استقلال إمارته عن السلاجقة بعد أن فتح مدينة قرة جه حصار واتخذ منها قاعدةً له، كانت أول مظاهر سيادته وسلطته إقامة خطبة باسمه، وأطلق على نفسه لقب ياديشاه آل عثمان أي عاهل آل عثمان، وتمكّن بذلك من تأسيس تركيا الكبرى، واستمرّ حكمه حتى السادس من أبريل من عام 1325م، وتلاه في الحكم ابنه أورخان، من ثمّ بدأ تسلسل توّلي الحكم بين ملوك الدولة العثمانيّة.
حملت الدولة العثمانيّة عدّة أسماء في اللغة العربية منها "الدولة العلّية" والذي يشير اختصاراً إلى اسم الدولة الرسمي "الدولة العلية العثمانية"، وكان يُطلق عليها أهل بلاد الشام ومصر والعديد من الدول العربية مُسمّى "الدولة العثملية" المشتقة من كلمة عثماني وعثملي كلمة تركية، كما أنّ الدولة العثمانية قد حملت مُسمّى دولة آل عثمان، والسلطنة العثمانية، والإمبراطورية العثمانية، ومن الجدير بالذكر أنّ العثمانيين ينحدرون من أصول تركية.
خضعت الدولة العثمانية لحكم ستةٍ وثلاثين سلطاناً عثمانيّاً بالخلافة الوراثية على مدى ستة قرون ميلادية تقريباً، ومن أبرز حكام الدولة العثمانية:
تعاقبت الأحداث التاريخية في عصر الدولة العثمانية ابتداءً من قيام الدولة في عام 1299 مروراً وحتّى إلغاء السلطنة، وترتّبت هذه الأحداث كالتالي:
حظيت عواصم الدولة العثمانيّة بالعناية الفائقة من العثمانيين؛ حيث أصبحت كلٌّ من المدن العثمانية بورصة وأدرنه والقسطنطينية مركزاً صناعياً وتجارياً ذا أهمية بالغة في كلٍّ من الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، وتمكّن سلاطين الدولة العثمانية من جلب أمهر الصناع والحرفيين والتجار للعمل في الأراضي التابعة للدولة العثمانيّة، وكما عمل العثمانيون على استقبال المسلمين القادمين من شبه الجزيرة الأيبيرية بعد أن طردهم الإسبان منها، وكان لهذا الاستقبال أثرٌ في نهضة البلاد الاقتصادية، كما عَمِلت الدولة العثمانية على إنشاء وزارة خاصّة تعتني بأمور الدولة المالية وكل ما يتعلق بها من إدانة وإنفاق واستدانة.
ضمّت الدولة العثمانيّة في نفوذ حكمها مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ذات الخصوبة العالية، ومن بين هذه الأراضي بلاد الشام ذات السهول الخصبة، وحوضي دجلة والفرات، ونهر الدانوب، ووادي النيل، وسهول آسيا الصغرى، وشمال إفريقيا، الأمر الذي ساعد في نمو القطاع الزراعي والإنتاج الزراعي هو خصوبة تربتها ووفرة المياه إلى جانب غنى إنتاجها، كما عنيت الدولة العثمانيّة بالثروة الحيوانية فكانت هضاب البلقان وآسيا الصغرى وبوادي الشام ووادي النيل تحتضن قطعان الغنم الماعز والبقر والإبل وغيرها، واشتهرت الدولة العثمانيّة بالصناعات الغذائيّة المستوحاة من مصادر حيوانيّة ونباتية من بينها صناعة الحرير والصابون والصوف، كما تَمَكنّت الدولة من الازدهار في مجال الصناعات العسكرية؛ حيث قامت بصناعة الأسلحة النارية والأسلحة البيضاء والرماح.
شهدت العصور القديمة تقسيم المجتمع إلى طبقات متعدّدة وفقاً للنمط المعيشي، وكانت طبقة العبيد طبقةً ثابتة على مر العصور إلى أن جاء السلطان محمود الثاني فألغى تجارة الرقيق الأبيض (الشركس، والأرمن، واليونانيون، والجورجيون)، ويذكر بأنّ الرقيق كانوا من الصبية والفتيات الأوروبيات الذين يقوم القراصنة بخطفهم أو يتمّ سبيهم على إثر الحروب والمعارك، وكانت تجارة الرقيق من الأفارقة يؤتى بهم من جنوب الصحراء الكبرى، ولكن تجارة الرقيق السود بقيت قائمة حتى زوال الدولة العثمانية.
في الأول من شهر نوفمبر من عام 1922م، كانت بداية النهاية للدولة العثمانية، فصادف هذا اليوم انتهاءها بصفة سياسية، وقد أزيلت الدولة العثمانية بصفتها دولةً قائمة بحكم القانون، وكان ذلك في الرابع والعشرين من شهر يوليو من عام 1923م وحدث ذلك بأن عقدت معاهدة لوزان وهي عبارة عن معاهدة سلام وكانت نتيجتها الاعتراف بالجمهوريّة التركيّة التي حلّت مكان الدولة العثمانية، وفي التاسع والعشرين من شهر أكتوبر من ذلك العام كان قد أُعلن عن قيام الدولة التركية وأزيلت بشكل رسمي ونهائي الدولة العثمانية.
المقالات المتعلقة بكم دام حكم الدولة العثمانية