لم يبقَ الإسلام حبيساً في شبه جزيرة العرب، بل امتدَّ نوره لمعظم أرجاء المعمورة، وهذا هو معنى انتشار الإسلام، أي انتقاله وامتداده لخارج حدوده الّتي ظهر فيها، فكانت هناك خطوات وسبل قويمة اتُخذت واعُتمدت في نشره، مثل الرّسائل الّتي أرسلها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الملوك والأمراء، حيث شملت هذه الرّسائل ما لا يقل عن ثلاث قارّات تقريباً، وكانت شرارة البدء في نشر الدعوة الإسلاميّة، ثمّ كانت بعد ذلك الفتوحات الإسلامية، الّتي حمل فيها الفاتحون تعاليم الإسلام وأخلاقه السمحة وعقيدته الأصيلة، فدخلوا بها قلوب وعقول أبناء الأمصار والأقطار التي فتحوها، فجرّبوا الإسلام وذاقوا حلاوته.
اليوم ما من مكان أو بلد تقريباً على مستوى العالم كله، إلا ودخلته رسالة الإسلام، أو سمع بتعاليمه وأخلاقه العظيمة، فكانت أخلاق التجَّار المسلمين والتي تجلّت بحسن تعاملهم وعملهم، هي العامل الأساس في نشر الإسلام في أماكن مثل أوروبا، فلم يدخل الإسلام ويصل لتلك الأماكن بالسيف وإنَّما دخلها بأخلاق أبنائه، الّذين ترجموا الإسلام واقعاً عمليّاً متحركاً في حياتهم، فكانوا به مصاحف تدبُّ وتمشي على الأرض.
أساء الكثير من الأشخاص في نقل صورة الإسلام للعالم، فكانت الصورة سوداوية، وارتسمت ظلماً وجوراً وعدواناً في الأذهان عن الإسلام وهو منها بريء، فواجب علينا أن يعرف كل واحد منّا موقعه، ويتلمَّس خطى قدميه، ويكون دالّاً على الإسلام الصحيح بخلقه وسلوكه، أكثر منه بكلامه وشعاراته، فالعمل لنشر رسالة الإسلام واجب على كل مسلم، قادر على ذلك ومستطيع، وتعلّم السبل التي يتحقق بها هذا الواجب واجب أيضاً، من علم ومعرفة، وفهم دقيق للمرحلة ومتطلباتها، والدعوة وأساليبها، جعلنا الله هداة مهديين، ولرسالته من العاملين والنّاشرين.
المقالات المتعلقة بظهور الإسلام وانتشاره