الموت هو: خروج الروح من جسد الانسان، لتنتهي به رحلته في هذه الدنيا، ويبدأ الرحلة الأبديّة في عالم الآخرة، فإما إلى نعيم مقيم، أو إلى شقاء، والشقاء نوعان: إما شقاء إلى أجل عند الله معلوم، أو شقاءٌ أبديٌّ خالدٌ مخلدٌ في العذاب.
متى يموت الإنسانإن الموت يأتي فجأة للإنسان، فليس له عمرٌ محدّدٌ، ولا مرضٌ معين، فكم من صغير مات، وكم من صحيح وقع ميّتاً دون سابق إنذار.
كيف تتم عملية خروج الروح من الجسدإن الإنسان عندما يحتضر، وتبدأ سكرات الموت، يكشف عن عينيه الحجاب، فيرى ملائكة على مدِّ البصر، فإن كان مؤمناً، يرى ملائكةً بيضَ الوجوه، يبشّرونه بالجنّة وبرضى الرحمن، فيرى مقعده من الجنّة، ويأتي ملك الموت ويقبض روح العبد كأنها عطسة، ويقول لها أخرجي إلى روحٍ وريحان، وربٍّ غير غضبان، أما العبد الفاجر فيرى ملائكة سود الوجوه، فيرتعب رعباً شديداً، يبشّرونه بغضبٍ من الله وعذابٍ شديد، ثم يأتي ملك الموت فينزع روحه نزعاً، وتبدأ رحلة البرزخ، والقبر بعذابه أو نعيمه، فإمّا روضةً من رياض الجنّة، وإمّا حفرةً من حفر النّار.
هل يشعر الميّت بمن هم حوله ويسمعهمإن الميّت يسمع قرع نعال من حضر الجنازة وهم منصرفون، وقد اختلف العلماء في سماع الميت للأحياء فذهب بعضهم إلى سماعه لهم واستدلوا بأحاديث كثيرةٍ، وذهب بعضهم إلى عدم سماعه لهم وانّما سماع قرع النعال إنّما هو مختصٌّ باللحظات الأولى من موته، أما سماع الأموات للنبي _ صلّى الله عليه وسلم_ فقد ذهبوا إلى أنه خاص بالنبي دون غيره. والله تعالى أعلم.
هل يُسأل الميّت فور دفنهإنّ الميّت إذا دفن وانصرف عنه أهله، تعاد الروح إلى جسده، فيأتيه ملكان ويُجلسانه، ويسألانه من ربك؟ وما دينك؟ وما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فإن كان من أهل التّقى والصلاح فيجيب بكلِّ طمأنينة وسكينة، فيفسح له في قبره مدّ بصره ويكون روضة من رياض الجنّة، أمّا إن كان غير ذلك والعياذ بالله، فلا يستطيع أن يجيب، ويكون في حالة من الخوف والارتباك، فيضيّق عليه قبره، ويكون حفرة من حفر النيران.
أين يذهب الميّت بعد موتهتبدأ رحلة الآخرة منذ اللحظة الأولى التي يكشف فيها الغطاء عن عين الإنسان، فيرى الملائكة، إلى أن تخرج الروح من الجسد فترى مقعدها من الجنّة وترى مقعدها من النّار، ثم تنتقل الجنازة في طريقها إلى القبر، وتسمّى الفترة التي ينتظر فيها الإنسان في قبره إلى قيام الساعة بفترة البرزخ، ففي القبر يُسأل العبد، وإما أن يكون قبره روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران، فيستمرّ على ذلك إلى أن ينفخ في الصور نفخة البعث والنشور، فتقوم كل المخلوقات ليوم الحساب، فتبدأ مرحلة جديدة، وهي يوم القيامة، وهو يوم يقدّر بخمسين ألف سنة من أيامنا هذه، فيه يحاسب العباد، ويفصل بين المتخاصمين، وفيه يقتص من كل من ظلم، إلى أن يدخل أهل الجنة، ويدخل أهل النار جهنّم، فخلود ولا موت.
من يذهب مع الميّت إلى قبرهعندما يموت الإنسان يلحق به أهله، وماله، وعمله، فيعود الأهل والمال ويظل معه عمله، فإن كان صالحاً، كان خيراً له، وإن كان فاسداً فالويل كل الويل له.
هل من عمل يعمله الإنسان ويظل أجره قائماً بعد موتهكلّ الأعمال ينقطع ثوابها بعد موت الإنسان إلّا ثلاثة أعمال: وهي صدقة جارية، أو علمٌ ينفع به غيره من النّاس، أو ابنٌ صالحٌ يدعو له بعد موته، فكل هذه الأعمال تنفع الميّت بعد موته وتظل مستمرّة، وكذلك من مات مرابطاً في سبيل الله، يستمر أجر الرباط إلى يوم القيامة.
ولكن على الصعيد الآخر هناك أمرٌ خطير قد غفل عنه معظم الناس _إلّا من رحم الله_ ألا وهو أعمال يعملها الشخص ويظل وزرها قائماً بعد موته، (وزرها)!!! نعم وزرها، أعمال سيئة تظل تنمو ويا لها من مصيبة، وينتشر ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير جداً، فمثلاً، شخص وضع أغنية على موقع معيّن في الشبكة العنكبوتية، ومات هذا الشخص، سيظلّ وزر كل من يسمع هذه الأغنية يلاحق هذا المسكين إلى أن تزول هذه الأغنية من الموقع، قال رسول الله _ صلّى الله عليه وآله وسلم _: " من سنّ في الإسلام سنّة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنّةً سيئةً، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
فوجب علينا أن ننتبه جيّداً لهذا الأمر الخطير.
هل ينتفع الميت من غيره من الناس بعد موتهإن الميّت إذا مات وانقطع عن الدنيا، لا يستطيع أن ينفع نفسه إلّا بما كان قد أعدّ في حياته، ولكن هل يمكن أن ينفعه غيره من الناس؟ وما أفضل ما يُهدى للميت بعد موته؟
إن الميّت إن كان حسن السيرة في الدنيا، فبالتأكيد سوف يجد من ينفعه من الناس، فسيجد من يدعو له، وقد يكون قد ترك خلفه ابناً صالحاً قد أحسن تربيته فيدعو له، فالدعاء هو احدى أجمل الهدايا التي يقدمها الناس للميّت، والصدقات أيضاً هديّة جميلة جداً يقدمها الناس لميّتهم، فيعطوا الصدقات عن روحه، بالإضافة إلى أعمال الخير والحجّ نيابة عنه، فكل تلك الأمور هدايا جميلة وقيّمة جداً تُعطى للميّت، ويشترط فيها النيّة، شأنها في ذلك شأن سائر العبادات، وفيما يلي ايجاز لبعض الهدايا التي يمكن أن تقدم للميّت بعد موته:
وتجدر الإشارة هنا إلى أن كما أنه هناك هدايا جميلة تُهدى إلى الميت، فهناك أمور تؤذيه، أهمها هو النواح والعويل على الميّت وخاصة النساء، فكثيرات هنّ اللواتي يفعلن ذلك بل ويلطمن الخدود ويشققن الثياب وما إلى ذلك من الأمور التي تؤذي الميّت، فيا أيتها النساء لا تؤذين من تحببن دون أن تشعرن.
ختاماًوأخيراً، لابدّ لنا أن نكون عوناً لإخواننا الذين سبقونا بالموت، فهم بأمسّ الحاجة لهدايانا، لعلّنا نجد من يتذكّرنا بعد موتنا ببعض الهدايا الجميلة، ولكن لا ننسى أن نعدّ العدّة لذلك اليوم الذي نرحل فيه من هذه الدنيا الفانية، فرحلتنا طويلة عبر البرزخ إلى دار المستقر، إلى النعيم المقيم بإذن الله، فيجب علينا أن نسارع إلى التوبة والاستغفار، والمسابقة إلى فعل الخيرات، لنجد لنا ونيساً طيب المظهر في تلك الحفرة الضيّقة (القبر).
أسأل الله أن يرزقنا حسن الختام، وأن يجعل آخر لحظات حياتنا في صلاتنا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويسكننا في جناتِ عدن، فربنا قريب مجيب، وصلّ اللهم وسلم وبارك على حبيبك خير الخلق وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه وبارك وسلّم.
المقالات المتعلقة بأفضل ما يهدى للميت