صلة العبد بالله تعتبر صلة العبد بربه جلّ وعلا من أهمّ الأسباب التي تؤدي إلى نيل رضوانه تعالى في الدنيا، والفوز بجنته في الآخرة، وبدون تلك الصلة والعلاقة العظيمة يكون الإنسان في حياته كالأنعام لا يهتدي سبيلا، ولا يدرك سبب الخلق وغايته، وإنّما يكون مجرد مخلوق يلبي حاجاته الفسيولوجية، ثمّ تكون عاقبته النار في الآخرة، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ) [محمد: 12].
معنى الصلة بالله تعالى هي من الاتصال ودوام التذكر، وضدها الهجران والقطعية، فالمسلم الحقيقي هو الذي يكون دائم الاتصال مع ربه جلّ وعلا وفي جميع أحواله في السراء والضراء، والمنشط والمكره أي، في السهل والصعب، والعزيمة والرخصة، والغضب والفرح، وفي حالة التمتع بما أباحه الله من الخيرات والنعيم، أو في حالة العبادة والذكر.
وسائل تقوية صلة العبد بربه - محبة الله سبحانه وتعالى، فالمسلم قوي الصلة بربه يحب الله محبةً تطغى على محبة غيره من البشر والأشياء، وأنّ المحبة تقود المسلم إلى الانقياد له وطاعته تعالى، والتسليم بما كتبه له أو عليه، وهذا يؤدي إلى توثيق صلة العبد بربه وتقويتها .
- التفكر في خلق السموات والأرض، فالتفكر في مخلوقات الله سبحانه، والتدبر فيما خلق السموات والأرض والكون ما يزيد إيمان العبد ويقوي صلته بربه سبحانه، حيث يطلع على أسرار الكون وآياته التي تشهد بوحدانية الله، وقدرته، وعظمته.
- الخشوع، فمما يقوي الصلة بالله تعالى استحضار عظمته وقدرته في كلّ لحظةٍ يقف فيها العبد بين يديه لأداء الفرائض التي كتبها عليه، أو النوافل التي يستزيد فيها من الحسنات.
- تلاوة كتاب الله تعالى، فالقرآن الكريم وتلاوته من أعظم الأسباب التي تتقوي صلة العبد بربه، حيث يكون في تدبر آياته زيادةً في الإيمان، كما يكون في المداومة على قراءة آياته استمرار لصلته بالله وتقويتها، وقيل في الأثر أنّه إذا أردت أن تكلم الله فصل له، وإذا أردت أن يكلمك الله فاقرأ القرآن.
- ذكر الله على كل حال، وهذا يعني أن يظل المسلم ذاكراً لله تعالى في السراء والضراء، واليسر والعسر، والشدة والفرج، وأن يدرك أن تقوية صلته بربه وزيادة إيمانه تكون عندما يظل لسانه رطباً بذكر الله، فقد قال تعالى في وصف المتقين: (االَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 191].