ديوان ابن زيدون

ديوان ابن زيدون

 

أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي، من أشهر الشعراء والكتاب في العصر الأندلسي، برع بالنثروالشعر، له ديوان شعر تميز بالرقة والعذوبة والصور الشعرية المبتكرة.

 

محتويات

  • ١ ديوان ابن زيدون
    • ١.١ قل للوزير وقد قطعت بمدحه
    • ١.٢ هذا الصباح على سراك رقيبا
    • ١.٣ أجدّ ومن أهواه في الحبّ عابث
    • ١.٤ هل لداعيك مجيب
    • ١.٥ يا دمع صب ما شئت أن تصوبا
    • ١.٦ أما وألحاظ مراض صحاح
    • ١.٧ أتهجرني وتغصبني كتابي
    • ١.٨ أحمدت عاقبة الدواء
    • ١.٩ قل لأبي حفص ولم تكذب
    • ١.١٠ قد بعثناه ينفع الأعضاء
    • ١.١١ سرّك الدهر وساء

ديوان ابن زيدون قل للوزير وقد قطعت بمدحه

قل للوزير وقد قطعت بمدحهزمني فكان السجن منه ثوابي

لا تخش في حقّي بما أمضيتهمن ذاك فيّ ولا توقّ عتابي

لم تخط في أمري الصواب موفّقاًهذا جزاء الشاعر الكذّاب

 

هذا الصباح على سراك رقيبا

هذا الصباح على سراك رقيبافصلي بفرعك ليلك الغربيبا

ولديك أمثال النجوم قلائدألفت سماءك لبّةً وتريبا

لينب عن الجوزاء قرطك كلّماجنحت تحثّ جناحها تغريبا

وإذا الوشاح تعرّضت أثناؤهطلعت ثريّا لم تكن لتغيبا

ولطالما أبديت إذ حيّيتناكفّاً هي الكفّ الخضيب خضيبا

أظنينةً دعوى البراءة شأنهاأنت العدوّ فلم دعيت حبيبا

ما بال خدّك لا يزال مضرّجاًبدم ولحظك لا يزال مريبا

لو شئت ما عذّبت مهجة عاشقمستعذب في حبّك التعذيبا

ولزرته بل عدته إنّ الهوىمرض يكون له الوصال طبيبا

ما الهجر إلّا البين لولا أنّهلم يشح فاه به الغراب نعيبا

ولقد قضى فيك التجلّد نحبهفثوى وأعقب زفرةً ونحيبا

وأرى دموع العين ليس لفيضهاغيض إذا ما القلب كان قليبا

ما لي وللأيّام لجّ مع الصباعدوانها فكسا العذار مشيبا

محقت هلال السنّ قبل تمامهوذوى بها غصن الشباب رطيبا

لألمّ بي ما لو ألمّ بشاهقلانهال جانبه فصار كثيبا

فلئن تسمني الحادثات فقد أرىللجفن في العضب الطرير ندوبا

ولئن عجبت لأن أضام وجهورنعم النصير لقد رأيت عجيبا

من لا تعدّي النائبات لجارهزحفاً ولا تمشي الضراء دبيبا

ملك أطاع الله منه موفّقما زال أوّاباً إليه منيبا

يأتي رضاه معادياً وموالياًويكون فيه معاقباً ومثيبا

متمرّس بالدهر يقعد صرفهإن قام في نادي الخطوب خطيبا

لا يوسم الرأي الفطير به ولايعتاد إرسال الكلام قضيبا

تأبى ضرائبه الضروب نفاسةًمن أن تقيس به النفوس ضريبا

بسّام ثغر البشر إن عقد الحبافرأيت وضّاحاً هناك مهيبا

ملأ النواظر صامتاً ولربّماملأ المسامع سائلاً ومجيبا

عقد تألّف في نظام رياسةنسق اللآلئ منجباً ونجيبا

يغشى التجارب كهلهم مستغنياًبقريحة هي حسبه تجريبا

وإذا دعوت وليدهم لعظيمةلبّاك رقراق السماح أديبا

همم تنافسها النجوم وقد تلافي سؤدد منها العقيب عقيبا

ومحاسن تندى رقائق ذكرهافتكاد توهمك المديح نسيبا

كالآس أخضر نضرةً والورد أحمربهجةً والمسك أذفر طيبا

وإذا تفنّن في اللسان ثناؤهفافتنّ لم يكن المراد غريبا

غالى بما فيه فغير مواقعسرفاً ولا متوقّع تكذيبا

كان الوشاة وقد منيت بإفكهمأسباط يعقوب وكنت الذيبا

وإذا المنى بقبولك الغضّ الجنىهزّت ذوائبها فلا تثريبا

أنا سيفك الصدئ الّذي مهما تشأتعد الصقال إليه والتذريبا

كم ضاق بي من مذهب في مطلبفثنيته فسح المجال رحيبا

وزها جناب الشكر حين مطرتهبسحائب النعمى فردّ خصيبا

 

أجدّ ومن أهواه في الحبّ عابث

أجدّ ومن أهواه في الحبّ عابثوأوفي له بالعهد إذ هو ناكث

حبيب نأى عنّي مع القرب والأسىمقيم له في مضمر القلب ماكث

جفاني بإلطاف العدا وأزالهعن الوصل رأي في القطيعة حادث

تغيّرت عن عهدي وما زلت واثقاًبعهدك لكن غيّرتك الحوادث

وما كنت إذ ملّكتك القلب عالماًبأنّي عن حتفي بكفّي باحث

فديتك إنّ الشوق لي مذ هجرتنيمميت فهل لي من وصالك باعث

ستبلى الليالي والوداد بحالهجديد وتفنى وهو للأرض وارث

ولو أنّني أقسمت أنّك قاتليوأنّي مقتول لما قيل حانث

 

هل لداعيك مجيب

هل لداعيك مجيبأم لشاكيك طبيب

يا قريباً حين ينأىحاضراً حين يغيب

كيف يسلوك محبّزانه منك حبيب

إنّما أنت نسيمتتلقّاه القلوب

قد علمنا علم ظنّهو لا شكّ مصيب

أنّ سرّ الحسن ممّاأضمرت تلك الجيوب

 

يا دمع صب ما شئت أن تصوبا

يا دمع صب ما شئت أن تصوبا

ويا فؤادي آن أن تذوبا

إذ الرزايا أصبحت ضروبا

لم أر لي في أهلها ضريبا

قد ملأ الشوق الحشا ندوبا

في الغرب إذ رحت به غريبا

عليل دهر سامني تعذيبا

أدنى الضنى إذ أبعد الطبيبا

ليت القبول أحدثت هبوبا

ريح يروح عهدها قريبا

بالأفق المهدي إلينا طيبا

تعطّرت منه الصبا جيوبا

يبرد حرّ الكبد المشبوبا

يا متبعاً إساده التأويبا

مشرّقاً قد سئم التغريبا

أما سمعت المثل المضروبا

أرسل حكيماً واستشر لبيبا

إذا أتيت الوطن الحبيبا

والجانب المستوضح العجيبا

والحاضر المنفسح الرحيبا

فحيّ منه ما أرى الجنوبا

مصانع تجتذب القلوبا

حيث ألفت الرشأ الربيبا

مخالفاً في وصله الرقيبا

كم بات يدري ليله الغربيبا

لمّا انثنى في سكره قضيبا

تشدو حمام حليه تطريبا

أرشف منه المبسم الشنيبا

حتّى إذا ما اعتنّ لي مريبا

شباب أفق همّ أن يشيبا

بادرت سعياً هل رأيت الذيبا

هصرته حلو الجنى رطيبا

أهاجري أم موسعي تأنيبا

من لم أسغ من بعده مشروبا

ما ضرّه لو قال لا تثريبا

ولا ملام يلحق القلوبا

قد طال ما تجرّم الذنوبا

ولم يدع في العذر لي نصيبا

إن قرّت العين بأن أؤوبا

لم آل أن أسترضي الغضوبا

حسبي أن أحرّم المغيبا

قد ينفع المذنب أن يتوبا

 

أما وألحاظ مراض صحاح

أما وألحاظ مراض صحاحتصبي وأعطاف نشاوى صواح

لفاتن بالحسن في خدّهورد وأثناء ثناياه راح

لم أنس إذ باتت يدي ليلةًوشاحه اللاصق دون الوشاح

ألممت بالألطف منه ولمأجنح إلى ما فيه بعض الجناح

لأصفينّ المصطفى جهوراًعهداً لروض الحسن عنه انتضاح

جزاء ما رفّه شرب المنىوأذّن السعي بوشك النجاح

يسّرت آمالي بتأميلهفما عداني منه فوز القداح

لم أشم البرق جهاماً ولمأقتدح الصمّ ببيض الصفاح

من مثله لا مثل يلفى لهإن فسدت حال فعزّ الصلاح

يا مرشدي جهلاً إلى غيرهأغنى عن المصباح ضوء الصباح

ركين ما تثني عليه الحبايهفو به نحو الثناء ارتياح

ذو باطن أقبس نور التقىوظاهر أشرب ماء السماح

أنظر تر البدر سناً واختبرتجده كالمسك إذا ميث فاح

إيه أبا الحزم اهتبل غرّةًألسنة الشكر عليها فصاح

لا طار بي حظّ إلى غايةإن لم أكن منك مريش الجناح

عتباك بعد العتب أمنيّةما لي على الدهر سواها اقتراح

لم يثنني عن أمل ما جرىقد يرقع الخرق وتؤسى الجراح

فاشحذ بحسن الرأي عزمي يرعمنّي العدا أليس شاكي السلاح

واشفع فللشافع نعمى بماسنّاه من عقد وثيق النواح

إنّ سحاب الأفق منها الحياوالحمد في تأليفها للرياح

وقاك ما تخشى من الدهر منتعبت في تأمينه واستراح

 

أتهجرني وتغصبني كتابي

أتهجرني وتغصبني كتابيوما في الحقّ غصبي واجتنابي

أيجمل أن أبيحك محض ودّيوأنت تسومني سوء العذاب

فديتك كم تغضّ الطرف دونيوكم أدعوك من خلف الحجاب

وكم لي من فؤادك بعد قربمكان الشيب في نفس الكعاب

أعد في عبدك المظلوم رأياًتنال به الجزيل من الثواب

وإن تبخل عليه فربّ دهروهبت له رضاك بلا حساب

 

أحمدت عاقبة الدواء

أحمدت عاقبة الدواءونلت عافية الشفاء

وخرجت منه مثلماخرج الحسام من الجلاء

وبقيت للدنيا فأنتدواؤها من كلّ داء

وورثت أعمار العدىوقسمتها في الأولياء

ياخير من ركب الجيادوسار في ظلّ اللواء

واجتال يوم الحرب قدماًواحتبى يوم الحباء

بشراك عقبى صحّةتجري إلى غير انتهاء

في دولة تبقى بقاءالدهر آمنة الفناء

ومسرّة يفضي بهازمن كحاشية الرداء

واشرب فقد لذّ النسيمورقّ سربال الهواء

لنرى بك البهو المطلّيميس في حلل البهاء

وبقيت مفديّاً بناإن نحن جزنا في الفداء

 

قل لأبي حفص ولم تكذب

قل لأبي حفص ولم تكذبيا قمر الديوان والموكب

ما لأبي صفوان مألوفناأبرق في الألفة عن خلّب

ولم يعد إلّا كما يتّقيمسترق السمع من الكوكب

عنّفه بالله على فعلهواشتم وإن لم يستقم فاضرب

وعاطه صهباء مشمولةًيرى لها المشرق في المغرب

وليشرب الأكثر من كأسهواعمد إلى فضلته فاشرب

عقوبة أحسن بها سنّةًفي مثله من حسن مذنب

وباكرا الطيب وروحا لهفأنتما في زمن طيّب

 

قد بعثناه ينفع الأعضاء

قد بعثناه ينفع الأعضاءحين يجلو بلطفه السخناء

جاء يزهى بمستشفّ رقيقيخدع العين رقّةً وصفاء

تنفذ العين منه في ظرف نورملأته أيدي الشموس ضياء

أكسبته الأيّام برد هواءفهو جسم قد صيغ ناراً وماء

منظر يبهج القلوب وطعمتشكر النفس عهده استمراء

لذّة الوصل ناله بعد يأسكلف طالما تشكّى الجفاء

يفضح الشهد طعمه كلّما قيسإليه ويخجل الصهباء

فضل السابق المقدّم في النضجفأزرى بطعمه إزراء

غير أنّي بعثت هذا غذاءًيشتهيه الفتى وذاك دواء

ملطف يبرد المزاج إذاجاش التهاباً ويقمع الصفراء

 

سرّك الدهر وساء

سرّك الدهر وساءفاقن شكراً وعزاء

كم أفاد الصبر أجراًواقتضى الشكر نماء

أنت إن تأس علىالمفقود إلفاً واجتباء

فاسل عنه غيرةًواحتمل الرزء إباء

أيّها المعتضد المنصورملّيت البقاء

وتزيّدت مع الأيّامعزّاً وعلاء

إنّما يكسبنا الحزنعناءً لا غناء

أنت طبّ أنّ داء الموتقد أعيا الدواء

فتأسّ إنّ ذاكالخطب غال الأنبياء

وسيفنى الملأ الأعلىإذا ما الله شاء

حبّذا هدي عروسدفنها كان الهداء

عمّرت حيناً وماءالمزن شكلين سواء

ثمّ ولّت فوجدناأرج المسك ثناء

جمعت تقوى وإخباتاًوفضلاً وذكاء

ستوفّى من جمام الكوثرالعذب رواء

حيث تلقى الأتقياءالسعداء الشهداء

هان ما لاقت عليهاأن غدت منك فداء

غنم أحبابك أن تبقىوإن عمّوا فناء

فالبس الصنع ملاءًواسحب السعد رداء

ورث الأعداءأعمارهم والأولياء

 

المقالات المتعلقة بديوان ابن زيدون