خير الكلام ما قل ودل وهو يستمد معناه الصحيح من قوله تعالى: "وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض"، سورة فصلت الآية 51 .
ولن أطيل عليكم كثيراً لأنني أعطي اليوم المعني المختزل والبسيط ذو معنى ودلالة صريحة وكبيرة، وهذه المقولة تساوي المثل الشعبي إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
لقد أطلق هذا المثل والحكمة المذكورين بناءاً على العديد من المواضع التي يطيل فيها الناس من حديثهم دون جدوى وفائدة، وأيضاً استخدم في إعطاء النصائح للأبناء وتعليمهم أصول الخطابة والرزانة.
وفي وقتنا الحاضر أصبحت كحكم تقال عند المجالس والاجتماعات ولكن قلما يعمل بها، فنجد الشخص لا يعرف صاحبه جيداً ويتحدث معه بكثرة و يسأله أكثر وهذا أسلوب خاطئ فللجميع خصوصيات وللاخرين حدود.
ولكن لو قمنا بتسليط الضوء على مجتمعنا العربي الحديث، لوجدنا أنه موجود ولكن يمنع ظهوره العديد من الأسباب نذكر منها:
انتشار التكنولوجيا الحديثة في العصر الحالي، ففي وقتنا الأشخاص يتعرفون ويتسامرون على مواقع التواصل الإجتماعي، وعلى البريد الالكتروني، وعلى مواقع الدردشة التي لم تكن ظاهرة في ذلك العصر؛ فنحن الآن لا نسأل ولا نبالي عن الأشخاص الذين يجلسون وينتظرون التقاء الأصحاب والجيران في حديقة المنزل، بل أصبح لدينا نوع من التفكك الكبير في المجتمع وهذ ليس بسبب التكنولوجيا ولكن بسبب توظيف التكنولوجيا بشكل خاطئ.
ونعود لحكمتنا أنه لو أراد شخص أن يتحدث فليعرف معنى حديثه ومقصده وحدوده حتى لا يزعج ولا ينزعج، وأتذكر مشهد قصير حصل مع جدتي تقوله من خبرتها في الحياة، وتوصي إحدى حفيداتها فقتقول: "إن أردتي التحدث فلتزني كلامك بميزان، إن كان ثقيلاً ذو قيمة فلتتحدثي به وإن كان ركيكاً لا معنى له فاتركيه فإنه لا فائدة منه"، وهكذا هي المقولة يجب أن نقول الكلام الدال على معناه من دون قصر أو إطالة بل نعطيه حقه، حتى لا يكون طويل فيمل ولا يكون قصير فيجهل ولا يفهم معناه.
وفي النهاية وعدتكم بألا أطيل عليكم، أنصحكم بوزن الكلام لأنه يعبر عن رزانة العقل ورجاحته؛ وعليكم أحبابي توظيف الكلام الطيب في الجمل المنتقاه فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة، الحديث متفق عليه.
وقال تعالى: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"، وهذا دليل القرآن والسنة في تثبيت الكلام السليم والصحيح الواجب اتباعه، فأوصيكم به وبتطبيق آيات الله تعالى و تمجيدها لتصل للجميع وتعم الفائدة.
و لن نتحدث الكثير كما قلنا ولكن كلامنا الذي ذكرناه ليس من الكلام الجاهل بل له هدف وفائدة، فلربما كلمات قليلة تصيب الهدف المنشود أكثر من كلمات كثيرة .
المقالات المتعلقة بخير الكلام ما قل ودل