حقوق الإنسان لم تأت شريعةٌ من الشّرائع السّماويّة بمثل ما أتت به شريعة الإسلام من قواعد، وأصول، ومنهج واضح في كيفيّة التّعامل مع حقوق الإنسان، فقد سبقت الشّريعة الإسلاميّة القوانين الوضعيّة والمواثيق الدّولية في إقرار حقوق الإنسان من كافّة جوانبها وأشكالها، كحق الحياة، والكرامة، والحرية، والتعليم، وغيرها، وهناك مجموعة الخصائص التي تميّزت بها حقوق الإنسان في الإسلام.
خصائص حقوق الإنسان في الإسلام - أنّ حقوق الإنسان في الإسلام هي حقوقٌ أصيلة تثبت للإنسان بمجرّد خروجه وليداً إلى هذه الحياة الدّنيا، وبصفته إنساناً، وبالتّالي هي ليست حقوق مكتسبة بمعنى أنّ الإنسان يكتسبها بسبب لونه، أو جنسه، أو عرقه، أو دينه، فلكلّ النّاس حقوقهم المعتبرة والأصيلة في الحياة والكسب الطيب، والحريّة الشّخصيّة، وحقّ التّملك والتّصرف في الأموال والأملاك وغير ذلك من الحقوق، ومن هنا ندرك معنى العبارة الشّهيرة التي قالها الفاروق عمر بين الخطّاب رضي الله عنه حينما عاتب والي مصر عمرو بن العاص بقوله: "متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمّهاتم أحراراً"، بينما نرى في واقعنا المعاصر أنّ كثيراً من الدّول التي تبنّت مواثيق حقوق الإنسان قد ظلمت الإنسان كثيراً في تاريخها حينما حرمته من أبسط حقوقه في الحياة، ومثال على ذلك استعباد الغرب لذوي الأصول الإفريقيّة عندما دخلوا تلك البلاد مستعمرين.
- أنّ حقّ الإنسان في الإسلام مقدّم على حقوق بقيّة المخلوقات، فقد أولت الشّريعة الإسلاميّة الإنسان الاهتمام الكبير باعتباره أهمّ مخلوقٍ على وجه هذه الأرض، فهو المستخلف الشّرعي فيها، وهو مناط التّكليف، وهو منفّذ حكم الله تعالى في الأرض، وقد أكّد القرآن الكريم على هذه الحقيقة في قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء:70]، وإنّ النّاظر في أحوال العالم المعاصر يجد كثيراً من الدّول الغربيّة ترعى حقوق الحيوان أكثر من رعايتها حقّ الإنسان في الحياة الذي تزهق روحه يوميًّا في كثيرٍ من مناطق النّزاعات والحروب .
- أنّ حقوق الإنسان في الحياة هي حقوقٌ محفوظة بجملة من التّشريعات والقوانين والحدود التي تضمن الحفاظ على تلك الحقوق وعدم الاعتداء عليها، فنفس الإنسان وحقّه في الحياة محفوظة ولا ينبغي الاعتداء عليها وإزهاقها وإلاّ تعرّض من يقوم بذلك إلى عقوبات القصاص، وكذلك ماله وحقّه في التّصرف فيه محفوظٌ بتشريعاتٍ واضحة فلا يجوز لأحد أن يسرقه أو يأكله بالباطل أو يعتدي عليه وإلّا تعرّض لجملةٍ من العقوبات والحدود كحدّ السّرقة، وكذلك حرّيته الشّخصيّة في التّعبير عن آرائه محفوظةٌ لا ينبغي الاعتداء عليها أو حرمانه منها.