محتويات
- ١ سجود التّلاوة
- ٢ حكم سجود التلاوة
- ٢.١ سجود التّلاوة لقارئ القرآن
- ٢.٢ سجود التّلاوة للمستمع
- ٢.٣ سجود التّلاوة للسّامع
- ٣ المراجع
سجود التّلاوة سجود التّلاوة أو سجدة التّلاوة هو السّجود بسبب تلاوةِ القرآن الكريم عندما يضمّ سجوداً في مواضع مُحدّدة، من آيات مُعيّنة من آي القرآن الكريم.[١] والإضافة هنا من باب إضافة المسبب إلى السبب،[٢] وتمّ استخدام أسلوب المضاف والمضاف إليه باعتباره أقوى وجوه الاختصاص حينما يكون بين المُسبّب والسّبب.[٣]
وورد على موضوع الاختصاص أنّ السّماع سبب للسّجود في حقّ المُستمع، أي أنّه سبب للسّجود كذلك، فكان ينبغي أن يُقال: ويُعرف على أساس أنّه سجود التّلاوة والسّمع.[٤]
يُجاب على هذا الإيراد بأنّ الإجماع قد انعقد على كون التّلاوة سبباً للسّجود، أمّا السّماع فقد اختلف العلماء في سببيّته بين من اعتبره سبباً ومن ألغى اعتباره ونفى أن يكون السّماع سبباً؛ ولذلك اقتصرت إضافة السّجدة إلى التّلاوة دون السّماع، بمعنى أنهم اكتفوا بالقول سجود التّلاوة فقط دون أن يقولوا سجود التّلاوة والسّماع. ويمكن أن يُجاب كذلك من جهة أنّ التّلاوة أصلٌ في الباب؛ لأنّها إذا لم توجد لا يكون السّماع، وبما أنّها أصل في الباب فكان ذكرها مُشتملاً على السّماع من وجه ويُكتفى بها.[٥]
حكم سجود التلاوة اختلف العلماء في حكم سجود التلّاوة سواءً حكم سجود من يتلو القرآن الكريم، أم من يسمع القرآن ويستمع له، ويتمّ عرض المسألتين مُنفصلتين ومذاهب العلماء وأقوالهم وأدلتهم فيما ذهبوا إليه:
سجود التّلاوة لقارئ القرآن
اختلف العلماء في حكم سجود التّلاوة لمن يتلو القرآن على ثلاثة أقوال:
- ذهب الحنفيّة[٦] وأحمد في رواية[٧] وابن تيمية[٨] إلى وجوب سجود التّلاوة مُطلقاً داخل الصّلاة وخارجها، واستدل أصحاب هذا القول بما يأتي:
- الأدلّة من القرآن الكريم:
- قوله تعالى: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ).[٩]
- قوله تعالى: (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا)،[١٠] وقوله تعالى: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)،[١١] وقالوا الأمر في الآيات يدلّ على الوجوب؛ لأنّ مُطلق الأمر الوجوب.[١٢].
- قوله تعالى: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).[١٣]
- الأدلة من السُنّة:
- ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قرأ ابنُ آدمَ السجدةَ فسجد، اعتزل الشيطانُ يبكي. يقول: يا وَيْلَهْ. (وفي رواية أبي كريب يا وَيْلي). أُمِرَ ابنُ آدمَ بالسجود فسجد فله الجنَّةُ. وأُمِرتُ بالسجود فأَبَيْتُ فلي النارُ. وفي رواية: فعَصَيتُ فلي النَّارُ).[١٤]
- ما ورد عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: (إِنَما السَجدّةُ عَلَى مَن استَمَعَها).[١٥]
- ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه -: (إِنّمَا السَجدَةُ عَلى مَن جُلِّي لها).[١٦]
- أدلّتهم من المعقول:
- قالوا: لو لم تكن سجدة التّلاوة واجبةً لما جاز أن تُؤدّى في الصّلاة؛ لأن أداءها زيادةُ سجدةٍ، وهي تطوّع، وخارجة عن الصلّاة، فلو لم تجب لفسدت الصّلاة وبَطُلت.[١٧].
- استدلّوا أيضاً بأنّ سجود التّلاوة يتمّ أثناء الصّلاة فكان واجباً كسجود الصّلاة.[١٨].
- قالوا بأن سجود التّلاوة ركنٌ مفردٌ عن أركان الصّلاة الأصليّة، وشُرِعَ تقرُّباً إلى الله تعالى خارج الصّلاة فوجب أن يكون واجباً بالقياس على القيام في صلاة الجنازة.[١٩].
- ذهب أحمد في الرّواية الثّانية إلى وجوب سجود التّلاوة في الصّلاة مسنون خارجها، واستُنِد لِما ذهب إليه على فعل الرّسول - عليه الصّلاة والسّلام - ومواظبته على سجود التّلاوة أحياناً خارج الصّلاة، كما جاء في حديث زيد بن ثابت.[٢٠].
- ذهب المالكيّة[٢١]، والشافعيّة[٢٢]، والحنابلة[٢٣]، والظاهريّة[٢٤]، واللّيث بن سعد والأوزاعيّ[٢٥] وإسحاق وأبي ثور[٢٦] إلى القول بأن سجود التلاوة لمن يتلو القرآن مستحبٌ وليس واجباً واستدل أصحاب هذا القول بما يأتي:
- من السنة:
- ما رواه زيد بن ثابت - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( أنّه قرأَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: والنّجم. فلم يَسْجُدْ فيها ).[٢٧].
- ما روي : (أن رجلاً قرأ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آيةَ سجدةٍ فسجد، وقرأها آخر فلم يسجد، فقال النذبي - صلى الله عليه وسلم - كنتَ إمامنا فلو سَجَدتَ سَجَدنا).[٢٨].
- وما روي: (أنّه جاء رجلٌ إلى رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام -، فإذا هو يسأله عن الإسلام، فقال رسولُ - اللهِ عليه الصّلاة والسّلام - خمس صلوات في اليومَ والليلة، فقال: هل عليّ غيرها ؟ قال: لا، إلا أن تطوع، فقال رسولُ اللهِ - عليه الصّلاة والسّلام -: (وصيام رمضان، قال: هل علي غيره ؟، قال: لا، إلا أن تطوع ، قال: وذكر له رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - الزكاة، قال: هل علي غيرها ؟ قال: لا، إلا أن تطوّع . فأدبر الرّجلُ وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسولُ اللهِ - عليه الصّلاة والسّلام - أفلح إن صدق).[٢٩].
- أدلتهم من المعقول:
- قالوا أن الأصل عدم الوجوب حتّى يثبت دليلٌ صحيحٌ صريحٌ في الأمر به وألا يكون له مُعارض، ولا قدرة للقائلين بالوجوب على ذلك.[٣٠].
- وقالوا بأن ما شرع الله لأجل التلاوة لم يكن واجبا، كالتأمين، والتعوذ.[٣١].
- قالوا أنّه يجوز سجود التّلاوة فوق الرّاحلة في السّفر بالاتّفاق، ولو كان سجود التّلاوة واجباً لما جاز فوق الرّاحلة كما لا يجوز السّجود فوق الرّاحلة في صلاة الفرض.[٣٢]
سجود التّلاوة للمستمع
اختلف العلماء في حكم سجود التّلاوة للمُستمع، وهو من يَقصد الاستماع لتلاوة القرآن في الصّلاة وغيرها، إلى قولين:
- ذهب الحنفيّة[٣٣]، وأحمد في رواية[٣٤]، وابن تيمية[٣٥] إلى وجوب سجود التّلاوة على المُستمع الذي يقصد الاستماع لتلاوة القرآن الكريم في الصّلاة وخارجها.
- وذهب المالكيّة،[٣٦] والشافعيّة،[٣٧] والحنابلة،[٣٨] وابن حزم الظاهريّ[٣٩] إلى أنّ حكم سجود التّلاوة للمُستمع سُنّة وليس واجباً.
واستدل الفريقين بنفس الأدلة التي استدل بها العلماء في المسألة الأولى.
سجود التّلاوة للسّامع
السّامع هو من سمع تلاوة القرآن عرضاً دون أن يقصد السّماع، فهو سامع لا مُستمع، وقد اختلف العلماء كذلك في حكم سجود التّلاوة لمن سمع موضع السّجود عرضاً لا قصداً إلى قولين:
- ذهب الحنفيّة[٤٠] إلى وجوب سجود التّلاوة للسّامع.
- ذهب الشافعيّة،[٤١] والحنابلة في وجه،[٤٢] وابن عمر، والنخعيّ، وسعيد بن جبير، ونافع، وإسحاق.[٤٣] إلى القول بعدم الوجوب.
المراجع ↑ صالح اللاحم (1429 هـ)، سجود التلاوة وأحكامه (الطبعة الأولى)، الدمام: ابن الجوزي، صفحة 17. ↑ العيني، البناية شرح الهداية ، بيروت: دار الفكر، صفحة 709، جزء 2. ↑ ابن قاسم، حاشية ابن قاسم، الرياض: المطابع الأهلية للأوفست، صفحة 232، جزء 2. ↑ صالح اللاحم (1429 هـ)، سجود التلاوة وأحكامه (الطبعة الأولى)، الدمام: دار ابن الجوزي، صفحة 17. ↑ العيني، البناية شرح الهداية ، بيروت: دار الفكر، صفحة 709، جزء 2. ↑ المرغيناني، الهداية شرح بداية المبتدي،.: المكتبة الإسلامية، صفحة 78، جزء 1. ↑ المرداوي، الإنصاف،.: دار إحياء التراث العربي، صفحة 193، جزء 2. ↑ ابن تيمية، مجموع الفتاوى، بيروت: دار العربية، صفحة 139، جزء 23. ↑ سورة سورة الانشقاق، آية: 20-21. ↑ سورة سورة النجم، آية: 62. ↑ سورة سورة العلق، آية: 19. ↑ النووي، المجموع، بيروت: دار الفكر، صفحة 61، جزء 4. ↑ سورة سورة السجدة، آية: 15. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 81. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 33/2. ↑ رواه ابن أبي شيبة، في مصنف ابن أبي شيبة، عن ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 5/2. ↑ العيني، البناية شرح الهداية، بيروت: دار الفكر، صفحة 719، جزء 2. ↑ ابن قدامة، المغني،.: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 367، جزء 2. ↑ العيني، البناية شرح الهداية، بيروت: دار الفكر، صفحة 719، جزء 2. ↑ ابن مفلح، المبدع في شرح المقنع،.: المكتب الإسلامي، صفحة 28، جزء 2. ↑ ابن جزي، القوانين الفقهية ، مكة: عباس الباز، صفحة 62. ↑ الشربيني، مغني المحتاج،.: دار التراث العربي، صفحة 214، جزء 1. ↑ المرداوي، الإنصاف ،.: دار إحياء التراث العربي، صفحة 193، جزء 2. ↑ ابن حزم، المحلى ، القاهرة: مكتبة الجمهورية العربية، صفحة 106، جزء 5. ↑ ابن قدامة، المغني ،.: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 364، جزء 3. ↑ النووي، المجموع، بيروت: دار الفكر، صفحة 61، جزء 4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم: 1072. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في التلخيص الحبير، عن زيد بن أسلم، الصفحة أو الرقم: 2/486، خلاصة حكم المحدث: [روي] مرسلاً ومرفوعا بسند فيه ضعيف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيدالله، الصفحة أو الرقم: 2678. ↑ النووي، المجموع، بيروت: دار الفكر، صفحة 62، جزء 4. ↑ النووي، المجموع، بيروت: دار الفكر، صفحة 62، جزء 4. ↑ الباجي، المنتقى، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 351، جزء 1. ↑ الكاساني، بدائع الصنائع، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 180، جزء 1. ↑ المرداوي، الإنصاف،.: دار إحياء التراث العربي، صفحة 193، جزء 2. ↑ عبد الرحمن بن قاسم، مجموع الفتاوى، بيروت: دار العربية، صفحة 139 وما بعدها، جزء 23. ↑ ابن جزي، القوانين الفقهية ، مكة: عباس الباز، صفحة 62. ↑ الشيرازي، المهذب، مكة: دار الباز، صفحة 92، جزء 1. ↑ ابن مفلح، المبدع،.: المكتب الإسلامي، صفحة 28، جزء 2. ↑ ابن حزم، المحلى ، القاهرة: مكتبة الجمهورية العربية، صفحة 157، جزء 5. ↑ السرخسي، المبسوط، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 5، جزء 2. ↑ النووي، روضة الطالبين،.: المكتب الإسلامي، صفحة 320، جزء 1. ↑ ابن مفلح، المبدع،.: المكتب الإسلامي، صفحة 29، جزء 2. ↑ ابن قدامة، المغني،.: هجر للطباعة والنشر، صفحة 366، جزء 2.