خلق الله للإنسان مجموعة من الحواس لتساعده على ممارسة حياته بشكل طبيعي والشعور بمواطن الجمال في الكون، أنعم عليه بنعمة البصر، والسمع، واللمس، والتذوق، والشم، حيث تعتبر هذه الحواس الوسيط والأدوات للتواصل بين الإنسان والمحيط الذي يعيش فيه، فهي التي تسمح للإنسان القدرة على رؤية الأشياء من حوله ويدرك الجمال فيها ويميز الجميل من القبيح، والجيد من السيء، وبالتالي يتفكر في خلق الله وقدرته وعظمته وتتجلّى أمامه تلك العظمة، وكذلك تسمح له بسماع الأصوات واللغات والكلمات والتمييز بينها وفهمها وترديده، وتساعده على تعلم اللغة والاستمتاع بكلمات القرآن، وتعلم العلوم من خلال معرفة الحروف والكلمات ووقعها على الأذن وإدراك شكل تلك الحروف والكلمات، وهنا تظهر دقّة الخالق وحكمته في ربط الحواس ببعضها لتتكامل في تعليم الإنسان وتوسيع مداركه ، فحاستي السمع والبصر تتآزران وتكملان بعضهما البعض لتساعد الشخص في معرفة الأشياء حوله صوتاً وصورةً ، والتفاعل معها، كما خلق حاستي التذوق والشم مكملتين لبعض ومتآزرتين ليدرك الشخص الروائح ويميز بين الروائح العطرة والمسك والعنبر، والروائح الخبيثة المنفرة، وكما التذوق يساعده في تمييز طعم الأشياء من مالح، وحامض، وحلو، ومر، وبالتالي يتمتع بنعم الله من مأكولات ومشروبات بتذوقها فيقبل على اللذيذ ويستبعد المر، أما حاسة اللمس فلها فوائد كثيرة منها تجعل الشخص أن يشعر بالمحيط الذي حوله من حرارة وبرودة، ويشعر بما يلمسه أو يوخزه أو يضغط عليه أو يحنو عليه، فيميز ما ينفعه من الأشياء التي يلمسها فيقبل عليها ليستخدمها ويستبعد الأشياء التي تضره من أدوات حادة أو ضاغطة، كما حاسة اللمس تشعره بدفء من يحتضنه ويقبله وتخلق عنده مشاعر وجدانية تجعله يتواصل مع محبيه، وكما بحاسة اللمس يستطيع الإنسان تمييز الأشياء وإن كانت عينيه مقفلتين من خلال تحديد أبعادها وملمسها ومكوناتها وحجمها فهي كذلك تساعده في معرفة الأشياء وتمييزها.
من الواضح أن نعم الحواس التي وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان من أغلى النعم وهي جزء يسير من نعم الله على الإنسان، يجب على الإنسان أن يحافظ عليها فهي أمانة وهبها الله ليستخدمها في مجالها الصحيح كما ذكر سالفاً حيث يمكن تلخيص ما سبق أن الله خلق نعم الحواس عند الإنسان وخاصة نعمة البصر متآزرة مع الحواس الأخرى لتحقق الهدف من خلق الإنسان في الأرض وهي أن يكون خليفة الله في الأرض، ولا تتحقق خلافة الله بالأرض من قبل الإنسان إلا من خلال قدرته على التعلم والتأمل، وأدواته في ذلك هي الحواس الخمسة وأهمها في التعلم رؤية الأشياء وإدراكها، حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في عرض قدرة الإنسان على التعلم قوله "وعلم آدم الأشياء كلها ثم عرضها على الملائكة"، فكان تعليم آدم من خلال عرض الأشياء عليه بمعنى رؤية الأشياء، وهذه إشارة واضحة من رب العالمين أن عملية التعلم تحتاج إلى حاسة البصر، وللحفاظ على هذه النعمة يجب عدم استعمال تلك النعمة في المحرمات مثل؛ النظر إلى عورات الناس ومفاتن النساء، وعدم حضور الأفلام الإباحية والصور الخليعة، أو حسد الآخرين على رزق أو نعم وهبهم الله إياها، أو النظر إلى الآخرين باحتقار أو إستهزاء، وكذلك يجب من الناحية الأخرى تطويع تلك الحاسة في العبادات كقراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية، والتأمل في عظمة وحكمة الخالق في الكون والطبيعة واتقانه في الخلق، وفي تعلم العلوم الدينية والدنيوية لنفع البشر وإعمار الأرض وبنائها، وبهذا تحقق خلافة الله في الأرض، وتكون قد صنت الأمانة حق صيانة.
المقالات المتعلقة بحفظ حاسة البصر