يبحث الإنسان دوما عن تحقيق القدرة على فهم الطبيعة المحيطة به، والسيطرة عليها لخدمة اغراضه وأهدافه في الحياة، وترك الفرصة له لتسجيل أكبر انتصار من الاختراعات والابتكارات، والفهم لهذه الطبيعة، فكان علم الفيزياء الأهم والأشهر في تاريخ البشر ؛ للبحث في آليات الحصول على المعرفة أكثر من مرة عن طريق مراحل كبيرة .
حيث بدأ الإنسان بالبحث في الفيزياء باستخدام قوانين المنطق والفلسفة، حيث بدأت في اليونان، وازدهر البحث في هذا النطاق، ثم تبعه العصر الذهبي للفيزياء في العهد الإسلامي، وبعد خروج أوروبا من عصورها الوسطى كان السير اسحاق نيوتن الشهير، الذي قام بتصميم القوانيين الميكانيكية الأساسية لثاني مرة في تاريخ البشرية، بعد العالم الإسلامي الفخر الرازي، وسماها بالميكانيكا السماوية، حيث تهتم بدارسة حركة الأجسام، وردات الفعل القادمة من الأجسام في الطبيعة، وكيفية دراسة النقاط الأساسية المكونة للطبيعة، والعلاقة بين الأجسام فيها .
فبدأ عملية دراسة المسافات والسرعات، وكذلك التسارع، وأولها تسارع الجاذبية الأرضية، ومنها قوانيين التصادم بين الأجسام، وعدد كبير من القوانيين الميكانيكية، التي تطورت بفضل علماء الفيزياء مع علماء الميكانيك والرياضيين، حتى وصلت لحد ظن الجميع بأن هذه القوانيين صالحة لكل شيء، ولا يخرقها أي أمر .
في عام 1915 تفاجئ العالم الألماني الشهير أينشتاين العالم بقوانيين الميكانيكا السماوية التي وضعها نيوتن، حيث بدأ بتنظيراته الفلسفية الرياضية، التي صرحت باستنتاج يقود إلى وجود فارق كبير بين الأجسام في عالمنا المحسوس الكبير والعالم الصغير جدا، فكانت عملية حساب المسافات والسرعات والتسارع للأجسام بالنسبة للعالم الصغير جدا (الميكرو)، وهو عالم الذرات والكواركات والأجسام الصغيرة، فهناك اختلاف كبير بينه وبين حساب الأجسام الكبيرة، حيث صرح أينشتاين في نظريته النسبية الخاصة، أن الأجسام تتغير مسافاتها بتغير سرعتها، وكتلتها تختلف كليا إذا كانت السرعة كبيرة أو اقتربت من سرعة الضوء، وكذلك سيقل الزمن وسيزداد بمناسبة السرعة للأجسام في العالم الحقيقي، وبذلك فإن عملية حساب السرعة أو المسافة أو الزمن ليست بالسهولة التي طرحها السير إسحاق نيوتن في نظرياته التنظيرية، وذلك بسبب اختلاف الأجسام في حال زيادة السرعة إلى حد يقترب من سرعة الضوء الموجودة في الطبيعة .
وبعد أينشتاين بفترة بدأ علماء الفيزياء بتأسيس علم جديد وهو الفيزياء الكمية، وحاولوا الفصل فيه بين استنتاجات أينشتاين ومن رافقه في الطريق، وبين اختيارات نيوتن والذين ساروا على نفس مساره، عن طريق تقسيم الفرعين إلى فرعين دقيقين، فحدود ميكانيكا نيوتن السماوية فقط في العوالم الكبيرة، والسرعات العادية، وقطع المسافات العادية المتعارف عليها بين البشر، وقدرة البشر على التناغم معها، أما ميكانيكا أينشتاين الكمية فهي تهتم بالعالم الصغير جدا، وهو العالم الذي لا يستطيع البشر رؤية تلك العوالم بالعين الطبيعية، وكذلك السرعات العالية وغير الطبيعية التي تقترب من سرعة الضوء، فكانت ميكانيكا نيوتن فقط في الحدود التي وضعها أينشتاين، والتي تمنع استخدامها في العوالم الصغيرة جدا والسرعات العالية جدا .
المقالات المتعلقة بحدود ميكانيك نيوتن