تمثّلت في شخص النّبي عليه الصّلاة والسّلام أعظم الأخلاق وأرقاها، وأسمى النّبل والقيم وأنقاها، فقد أدّب الله سبحانه وتعالى نبيّه فأحسن تأديبه حتّى كان في أخلاقه كأنّه قرآنًا يمشي على الأرض، ومنارةً يهتدي بها النّاس في ظلمات الحياة.
شخصيّة النّبي عليه الصّلاة والسّلام إنّ القارىء لسيرة النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام ليتلمس عظم هذه الشّخصيّة التي استطاعت وبكلّ اقتدارٍ التّعامل مع جميع أصناف النّاس بالأخلاق الحسنة والطّبائع الجميلة، فلم يرد في سيرته الشّريفة أنّه سبّ خادمًا أو عنّف زوجة أو أساء لصديق، وإنّما كان عليه الصّلاة والسّلام مثالًا وقدوةً في كلّ خلقٍ كريم، لذلك مدحه الله تعالى في كتابه العزيز قي قوله جلّ من قائل (وإنّك لعلى خلقٍ عظيم ) .
تعامله عليه الصّلاة والسّلام مع الأطفال من بين من خصّهم النّبي عليه الصّلاة والسّلام بمعاملةٍ خاصّة تتناسب مع مستوى أعمارهم وحداثة أسنانهم فئة الأطفال في المجتمع، فقد أحسن النّبي الكريم التّعامل معهم في مجتمعٍ لم يعرف الكثير عن أساليب التّعامل مع الصّغار بسبب ما جبلت عليه طبائع بعض العرب في البادية على القسوة والشدّة بعيدًا عن الرّفق واللّين، وقد كان تعامل النّبي مع الأطفال يتّسم بما يلي:
- الرّفق واللّين: فقد أحبّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام الأطفال حبًّا كبيرًا، ومن بينهم أحفاده وأولاد ابنته فاطمة رضي الله عنها الحسن والحسين، فقد كان حريصًا على الرّفق في التّعامل معهم بما يتناسب مع أعمارهم، ففي أحد الأيّام وبينما كان النّبي يصلّي إمامًا بأصحابه إذا بالحسن والحسين يعتليان ظهره عند السّجود، فلا ينهرهما أو يبعدهما بقسوة، وإنّما يتأنّى في قيامه من السّجود ويمسكهما بيده من خلف ظهره حرصًا على سلامتهما، فإذا انتهى من صلاته أقعدهما على فخذيه .
- حب المداعبة والمزاح مع الأطفال؛ فالنّبي عليه الصّلاة والسّلام يدرك أنّ الأطفال يحتاجون إلى المداعبة واللّهو معهم، كما يحبّون المزاح والضّحك، ومن بين من كان يداعبهم غلامٌ اسمه أبا عمير؛ حيث كان يملك طائرًا يحبّه، فكان النّبي كلّما رآه داعبه قائلًا، يا أبا عمير ما فعل النّغير.
- التّعليم والتّوجيه والإرشاد؛ فقد أيقن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّ الأطفال يحتاجون إلى من يوجّههم ويرشدهم باستمرار، لذلك حرص على إرسال الرّسائل المختصرة لهم التي تمتلئ عبرًا وحكماً ودروسًا ومن ذلك حديثه إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنه في الحديث الشّهير الذي يبدأ بقوله (يا غلام، احفظ الله يحفظك ) .
- الرّحمة والحنان بالأطفال وإظهار المحبّة والتعلّق بهم، فقد كان النّبي عليه الصّلاة والسّلام يقبّل الأطفال والصّبيان رحمةً بهم وحبًّا، وحينما تعجّب الأعرابي من هذا الفعل قال له (أو أملك أن نزع الله الرّحمة من قلبك ) .