يعتبر العمل حاجة أساسيّة من حاجات المجتمعات الإنسانيّة المختلفة، وقد أولى الإسلام عناية خاصة وحثيثة بهذه القيمة العظيمة سواء كان العمل يهدف إلى النجاح الأخروي، أم الدنيوي. وبسبب فهم المسلمين الأوائل لحقيقة الدين، ولتعالميه السامية التي يدعو إليها فقد استطاعوا أن يصنعوا حضارة عظيمة، دون أن يغفلوا جوانب عبادة الله تعالى، فلم يطغَ لديهم أي جانب على الآخر، بل استطاعوا أن يحققوا التوازن المنشود.
لم يقتصر الإسلام على حث الناس على العمل فقط، بل أولى عناية كبيرة أيضاً بكافة أطراف هذه العلاقة؛ من العامل، إلى صاحب العمل، إلى نتائج العمل ذاتها. وفيما يلي تفصيل ذلك.
حث الإسلام على العملدعا الإسلام كافة الناس إلى العمل البّناء، ففي العمل إعمار للدنيا والآخرة، وإصلاح لشؤون الناس، وتنوير لدروبهم، وتسهيل لحياتهم. وليس هذا وحسب بل حرم الإسلام بعض الأعمال ذات الجوهر القبيح، مما يضر بحياة الناس، حتى لو كانت تدر دخلاً كبيراً جداً.
وردت عدة نصوص في كتاب الله تعالى تؤكّد أهمية العمل، وتحث المسلمين عليه، ومن ذلك قوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). وقد جاء في حديث الرسول الكريم ما يحمل هذا المعنى. قال -صلى الله عليه وسلم- : (لأن يأخذ أحدكم حبله، ثم يغدو إلى الجبل فيتحطب، فيبيع فيأكل ويتصدّق، خير له من أن يسأل الناس).
حقوق العامل وواجباته في الإسلامالعامل في الإسلام شخص مُكرَّم؛ لأنه يكدح ويطلب رزقه بالحلال، ولا يرضى أن يأخذ مالاً من الآخرين عن غير وجه حق. وقد فرض الإسلام عدة حقوق للعامل، كما ألزمه بعدة واجبات، فمن أبرز حقوق العامل: عدم مماطلة صاحب العمل في تسديد أجرة عامله، وأن يتناسب الأجر مع الجهد المبذول من قبل العامل، وأن يتناسب العمل مع طبيعة العامل وقدراته، فلا يجوز تحميل العامل فوق طاقته، كما وألزم الإسلام صاحب العمل بعدم التكبر على العامل، ومعاملته بالأخلاق الحسنة والفاضلة.
أما فيما يتعلّق بواجبات العامل؛ فمن الضروري أن يتقن العامل عمله، وأن يعمل بإخلاص، وأن يضع مخافة الله بين عينيه؛ فلا يجوز له أن ينتهك مال صاحب العمل، أو عرضه، أو سمعته، وإذا ما انفصل العامل عن صاحب عمله فيجب عليه أن يكتم أسراره، ولا يعطيها لمن يدفع له أكثر، وأن يتعامل مع الزبائن والعملاء باحترام، وأن يعمل وكأنّ العمل يخصّه.
المقالات المتعلقة بتشجيع الإسلام للعمل والعمال