"في دِمَشْقَ
تُطَرَّزُ أَسماءُ خَيْلِ العَرَبْ
مِنَ الجاهليَّةِ
حتى القيامةِ
أَو بَعْدها
بخُيُوطِ الذَهَبْ"
محمود درويش، طوقُ الحمامة الدمشقيّ.
تعتبر دمشق من أهم المدن التي تبرعمت فيها بذور الحضارة والتطور على كافة الأصعدة، سواء العمرانيّة، أو الاقتصاديّة، أو الاجتماعيّة، أو الثقافيّة، حيث أكدَّ بعض المؤرخين أنّها أقدم مدينة ما زالت مأهولة بالسكان حتى يومنا هذا في الّتاريخ، حيث يرجع بعض المؤرخين تاريخها إلى عهد آدم وحوّاء، كما يجمع بعضهم على أنّها مسقط رأس النّبي إبراهيم -عليه السّلام-، فيما يشير آخرون أن حفيداً للنّبي نوح -عليه السّلام- هو من بناها، ووضع أساس أول حائط في التّاريخ بعد الطوفان وهو حائط معبدها ، المسمى حرّان.
دمشق ما قبل الميلادفي الألفيّة الثامنة قبل الميلاد، بدأ ازدهار الحضارة في دمشق، حيث بدأ تأسيس القرى واستقر الناس فيها، وبدأ التّطوّر التّكنولوجي والأيدلوجي، وبدأت عملية الإنتاج المتمثلة في الزّراعة، وتدجين الحيوانات.
تميّزت دمشق بخصوبة تربتها، ووفرة مياها، مما ساعد على أن تبقى مأهولةً بالسّكان حتى يومنا هذا، على عكس غيرها من المدن القديمة التي انقرضت عبرر العصور، ودلّت على ذلك الحفريات الأثرية التي وجدت فيها مثل الآثار الموجودة في تل أسود، وتل الرماد، وتل الخزامى، وتل الغريفة.
أُهلت دمشق عبر التاريخ بشعوب عديدة، واحتلّت العديد من المرّات، فقد كانت عاصمة للمملكة الآراميّة في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وبعد ذلك احتلّها الآشوريّون، ودمّروها عام 732 قبل الميلاد، ليسيطر عليها بعدهم الكلدانيّون في الألفية السادسة قبل الميلاد، وحتى عام 538 قبل الميلاد، حين حكمها الفرس واستمرّت كذلك حتى احتلها اليونانيون عام 332 قبل الملاد، بقيادة الإسكندر المقدوني، وبقيت تحت نفوذهم في عهد الدّولة السلوقيّة إلى أن احتلها الرومان عام 64 قبل الميلاد، وأصبحت في عصرهم مدينة رئيسيّة ضخمة، صكّت لها نقودها الخاصّة، واحتل البيزنطيون دمشق في أواخر الألفيّة الرابعة، وخضعت فترتها المدينة لنفوذ دولة الغساسنة حتى الفتح الإسلامي عام 636 ميلادي.
دمشق ما بعد الفتح الإسلاميفتحت دمشق في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، الذي ولّى عليها معاوية بن أبي سفيان، لتصبح بعد ذلك عاصمة للدّولة الأمويّة التي أسّسها معاوية عام 661 ميلادي، لتصل لقمة ازدهارها في عهدهم حتى انهيار الدّولة الأمويّة وقيام الدولة العباسيّة وعاصمتها بغداد عام 750ميلادي، ليحكم دمشق بعد ذلك الطولونيّون، ثم الإخشيديون، ثم الفاطميّون، ثم السلاجقة، إلى أن أسّست فيها عام 1096 ميلادي دولة الأتابكة (الدولة البوريّة).
اختبأ نجم دمشق بعد انهيار الدولة الأمويّة حتى عام 1154ميلادي، حتى أصبحت عاصمة لنور الدين بن زنكي لتزدهر مرّة أخرى، خاصّة على الصعيد السّياسي والعسكريّ، لتصبح عام 1174ميلاديّ عاصمة للدولة الأيوبيّة، وتخرج منها الجيوش التي حررّت القدس عام 1187ميلادي بقيادة صلاح الدين الأيوبي.
تعرضت دمشق في عهد المماليك الذين حكموها منذ عام 1259ميلادي، لحملات المغول المدمرة، التي كان أولها بقيادة هولاكو عام 1260ميلادي، ثمّ دمروها مرّة أخرى بقيادة غازان، ثمّ مرة أخرى عام 1401ميلادي، ولكنّها عادت بعد ذلك لحكم المماليك، لتزدهر مرّة جديدة، وحين أصبحت تحت الحكم العثماني عام 1516ميلادي، عادت لتكون إحدى أهمّ المراكز الأساسيّة للدولة، وبعد أن حكمها إبراهيم باشا ابن محمد علي والي مصرعام 1831ميلادي، توافد إليها الأجانب وانفتحت على العالم.
تحررت دمشق من الحكم العثماني في أواخر عام 1918ميلادي، لتخضع بعدها بفترة قصيرة للانتداب الفرنسي، حتّى تم تحريرها عام 1946 ميلادي.
المقالات المتعلقة بتاريخ دمشق