قوّة الاحتكاك هي عبارة عن مُقاومة جسم للحركة؛ حيثُ يتحرَّك هذا الجسم على جسم آخر. قوّة الاحتكاك لا تُعتبر قوّة أساسيّة كقوّة الجاذبيّة أو القوّة الكهرومغناطيسيّة؛ حيثُ يرى العلماء أنَّ قوّة الاحتكاك هي نتاج التجاذُب الكهرومغناطيسيّ بين الجُزيئات المشحونة لسطحين مُتلامسين،[١] ومن منظور أعمق، فإنَّ أسطح الأجسام تبدو على أنّها جبال ووديان؛ حيثُ لا تُوجد أيّ مادّة تخلو من هذه التضاريس (عند النظر إليها من منظور الجزيئات)، ولهذا؛ فإنَّه وعند تلامُس جسمان معاً، فإنّهم يتلامسان في نِقاط مُعيّنة وليس كامل السّطح، وبزيادة كُتلة الجسم، فإنّه يزداد التصاق الجسمين معاً، وبالتالي، تزداد نقاط التماسّ بينهما.[٢]
بدأ العلماء بدراسة ووضع القوانين المُختصّة بقوّة الاحتكاك في القرن الخامس عشر؛ لكنّ هذه القوانين لم تكن مؤكّدة نظراً لصعوبة تطبيق بعض التجارُب آنذلك، وخصوصاً أنَّ قوّة الاحتكاك مُعقّدة. هنالك العديد من الاستثناءات لكل قانون مُختص بقوّة الاحتكاك؛ فعلى سبيل المثال، قد تلتصق بعض المواد المصقولة ببعضها البعض.[١]
إنَّ المبدأ الذي ينصّ على أنَّ الاحتكاك يتناسب طرديّاً مع كتلة الجسم؛ هو مبدأ قديم يُطبَّق في الفيزياء القديمة فقط، ففي الفيزياء الحديثة، يتمّ دراسة قوى الاحتكاك الناشئة بين الذرّات أو الجُزيئات، إضافةً لإمكانيّة دراسة حالات فيزيائيّة مُعيّنة كان من الصعب الوصول إليها قُبيل القرن العشرين للميلاد.[٣]
قوانين الاحتكاكإنَّ لقوّة الاحتكاك بعض القوانين التي تُبيِّن مبدأ عملها، ومن هذه القوانين:[٢]
لا يُوجد في الطبيعة بيئة خالية من الاحتكاك، حتّى في الفضاء الخارجي؛ فإنَّ الجُزيئات الصغيرة قد تتفاعل مع بعضها البعض مُشكّلةً قوّة احتكاك،[١]وبالتالي وهنالك عدة أنواع لقوّة الاحتكاك، وهم:[١][٤]
إنَّ ذرّات المادّة الصُّلبة نفسها تتعرَّض للاحتكاك بين بعضها البعض، فعلى سبيل المثال، عند ضغط مُكعَّب مصنوع من المعدن، تتحرَّك جميع الذرات المُكوّنة له مُشكّلةً ما يُعرف بالاحتكاك الدّاخلي (بالإنجليزيّة: Internal friction)، وفي السوائل، فإنَّ قوّة الاحتكاك هي المقاومة لحركة طبقتين من الموائع وتُسمّى باللزوجة، وكلما زادت كثافة السائل، زادت لزوجته، فالعسل على سبيل المثال أكثر لزوجة من الماء.[١]
معامل الاحتكاكعند تحرُّك جسمين صلبين مُقابل بعضهما البعض، فإنهما سوف يتعرَّضان لقوّة احتكاك حركي؛ حيثُ إنَّ هذا الاحتكاك يُساوي عدداً كسريّاً للقوّة العموديّة بين هذين السّطحين، ويتم التوصُّل لهذا العدد الكسري باستخدام مُعامل الاحتكاك، والذي يتم التوصُّل إليه عن طريق التّجارُب.[١]
تطبيقات على قوّة الاحتكاكتلعب قوّة الاحتكاك دوراً مُهمّاً في حياة الإنسان اليوميّة، فعند دلك جسمين ببعضهما البعض، تنتُج طاقة حراريّة بسبب تحوُّل بعض من الطاقة الحركيّة إليها بفعل قوّة الاحتكاك (وهذا سبب تولُّد النار عند دلك اثنتين من العُصي ببعضهما البعض). قوّة الاحتكاك أيضاً مسؤولة عن عمل بعض القطع في الدرّاجات الهوائيّة؛ ولهذا تُستخدم بعض أنواع السوائِل وزيوت التشحيم لتخفيف احتكاك قطع الدرّاجة،[١] وفي مجال السيّارات، فتُطبَّق مبادئ الاحتكاك على إطارات السيّارة؛ فإذا كانت الإطارات ملساء وسطح الطريق الذي تسير عليه السيّارة أيضاً أملس، فإنَّها سوف تستمرّ في التحرُّك للأمام دون توقُّف حتّى وإنْ حاول السّائق إيقافها، ولهذا السبب؛ يتمّ تصنيع إطارات السيّارات بأن يكون سطحها خشن لكي تحتكّ مع الطريق. إنَّ الاحتكاك ليس فقط ضروري فيما يخص إطارات السيّارات، لكنّه أيضاً يدخل في مبدأ عمل المكابح، حيثُ تأتي الحاجة لقوّة تستطيع مقاومة قوّة المُحرِّك، وقوّة الاحتكاك هي الأمثل لذلك. وفي الآلات كالسيّارات، فإنَّ قوّة الاحتكاك تُقلِّل من كفاءة الآلة، فالسيّارة على سبيل المثال، تَستنزِف ربع قوّتها من أجل مُقاومة قوّة الاحتكاك الموجودة داخل المُحرِّك، إضافةً إلى احتكاك السيّارة بالهواء عند تحرُّكها في الطريق.[٣]
إنَّ مبادئ قوّة الاحتكاك تُعدّ مُعقّدةً جدّاً، وما زاد هذا التعقيد إلّا اكتشافات الفيزياء الحديثة، وتُشير بعض التقارير إلى أنَّ المُهندسين يطمحون لابتكار مُحرّكات ومُسنّنات مجهريّة (صغيرة جدّاً) شبيهة بالدّارات الكهربائيّة المجهريّة من حيث المبدأ، ولكن العائق حتّى الآن هو الحاجة للتعامُل مع قوانين الاحتكاك والتي تختلف عن القوانين المُطبَّقة في الآلات مُتوسّطة الحجم.[٣]
المراجعالمقالات المتعلقة ببحث عن الاحتكاك