المحافظة على متاع الغير

خلق الله تعالى النّاس، وبث بينهم الألفة والمودة حتى يكونوا قادرين على الأخذ بيد بعضهم البعض نحو دروب الخير، والسعادة، من خلال تعاونهم، وتكافلهم، وقد حثت الأديان، والأفكار الأخلاقيّة على أهميّة مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان في كل ما يحتاج إليه ووفق الاستطاعة، كما حثت أيضاً النّاس على أهميّة التحلي بكل القيم ذات العلاقة سواءً من قريب أو من بعيد بالتفاعل مع الآخرين.

من بين أبرز وأهم هذه القيم، قيمة الأمانة، وهي القيمة الّتي ينضوي تحتها عدد كبير من التطبيقات الّتي لا حصر لها، ومن ذلك حفظ مقتنيات الآخرين، وعدم التعرّض لها بسوء. ولتضييع الأمانة آثار وخيمة لا تحمد عقباها على الفرد، والمجتمع على حدٍّ سواء، ومن هنا فقد وجب على الإنسان المحافظة على أخيه وعلى كل ما له علاقة به، وفيما يلي تفصيل ذلك.

لكل فرد يعيش على هذه الأرض مقتنياته وممتلكاته الّتي لا يسمح لأحد الاقتراب منها، فهي تعتبر من الأمور الخاصّة الّتي يستعملها، والتي ربما قد بذل الغالي والنفيس من أجل تحصيلها، ونيلها، والمحافظة عليها.

إنّ المحافظة على متاع الغير من أولى الأولويّات الواجب صيانتها عند التفاعل مع الآخرين، ويكون ذلك من خلال عدم التعرّض لممتلكات الآخرين بسوء، سواءً بالاستعمال السيّئ، علاوة على أن يكون هذا الاستعمال بغير إذن، أو من خلال التكسير، أو التحطيم، أو السرقة، أو منحها لطرف ثالث، وغير ذلك من ضروب الإساءة.

لا تشمل قيمة المحافظة على متاع الغير، الحفاظ على ممتلكات الآخرين الخاصة فقط، بل وتتضمّن أيضاً المحافظة على الممتلكات العامّة التي تعود ملكيّتها لأبناء الشعب كله، والّتي لا يجوز لفرد واحد، أو لجماعة معيّنة استعمالها وكأنّها جزء من الممتلكات الخاصة.

من ضمن أبرز الظواهر السيّئة الّتي فيها إساءة إلى الممتلكات العامّة: سوء استعمال المرافق العامّة في الدولة بكافة أنواعها، والرّسم على الأسوار، وتقطيع الأشجار، وإلقاء النفايات في الشوراع، والحدائق، والمتنزهات، وتكسير موجودات الشوارع كنوع من أنواع التعبير عن الغضب.

من أشكال الإساءة إلى الممتلكات العامة أيضاً عدم الالتزام بقوانين المرور وتعليماته، ممّا يتسبب بوقوع الحوادث الّتي قد تنتج عنها خسائر ماليّة كبيرة.

قيمة المحافظة على مقتنيات الغير الخاصّة والعامّة لا تأتي فجأة، بل يجب البدء بتعليمها للأطفال منذ الصغر في البيت، والمدرسة، كما ويجب إرشادهم إلى الطرق العمليّة لذلك، فهذا أنفع لهم، وللمجتمع الذي سيعيشون فيه، والذي سيمتلكون زمام أموره يوماً ما في المستقبل.